هل تخيلت أن أقدم حفرة نيزكية على الأرض قد عثر عليها في صحراء أستراليا؟ تُقدّر أعمارها بـ 3.47 مليار سنة! هذا الاكتشاف المذهل، الذي أجراه فريق من جامعة كورتين، يغيّر فهمنا لولادة كوكبنا ومرحلة مبكرة من تاريخه. 🪐
في منطقة بيلبارا النائية بأستراليا الغربية، بالقرب من قبة القطب الشمالي، وجد الباحثون أدلة حاسمة على هذا الحدث الكوني. تُظهر الصخور المحلية وجود تأثير نيزكي هائل، تخطى بكثير عمر أي فوهة أخرى مسجلة، التي كانت تُعرف سابقًا بـ 2.2 مليار سنة فقط. هذا يعني أن اصطدامًا بهذا الحجم وقع منذ فترة أقدم بكثير، عندما كانت الأجسام الفضائية أكثر تواتراً بكثير في رحلاتها إلى الأرض.
“هذا أقدم فوهة بركانية معروفة على الإطلاق على سطح الأرض”، قال تيم جونسون، قائد الدراسة من معهد كورتين لعلوم الجيولوجيا الحلول.
رغم مرور مليارات السنين، وعمليات التعرية والترسيب الجيولوجية، لا يزال هناك علامات خفية على هذا الاصطدام. أحد أهم المؤشرات هو مخروط التصدع، وهو ميزة جيولوجية تتشكل من الشقوق تحت ضغط شديد. تشير تلك المخاريط في صخور بيلبارا إلى حجم الجسم الفضائي الهائل الذي ضرب الأرض، حيث تقدر بعض التقديرات الأولية أن الفوهة قد تجاوزت 100 كيلومتر في القطر! حدث هائل، شكل البيئة المحيطة!
يقول الباحثون أن ضربات النيازك كانت أكثر شيوعًا في شباب الأرض. القمر، بعلامات التعرّض العديدة عليه، يُظهر أن الأجسام الكونية ضربت كوكبنا بقوة كبيرة في أوائل عهده. هذا الاكتشاف في بيلبارا يُضيف فهمًا جديدًا لكيفية تشكيل هذه التصادمات لسطح الكوكب. تُطلق الاصطدامات الكبيرة طاقة هائلة، وتسخّن الطبقات، وتُكسر القشرة، وتُطلق الحطام بعيدًا. مع مرور الزمن الطويل، يعمل التعرية والنشاط البركاني على محو علامات مثل هذه الأحداث.
يعتقد كريس كيركلاند، أحد قادة الدراسة، أن هذا الحدث ربما ساعد في تشكيل القشرة الأولى للكوكب. “اكتشاف هذا التأثير وإيجاد المزيد من الحوادث في نفس الفترة الزمنية يمكن أن يفسر الكثير حول كيفية بدء الحياة، حيث أن حفر النيازك خلقت بيئات ودية للحياة المجهرية مثل أحواض المياه الساخنة. كما أنه يعيد صياغة فهمنا لتكوين القشرة بشكل جذري”.
يعتقد الباحثون أن الحرارة الشديدة والنشاط الكيميائي الناتجين من مثل هذه الآثار قد وفّروا “موطنًا” مبكرًا للحياة البدائية. ربما أنشأت ينابيع حارة ومناطق غنية بالمواد الكيميائية – شبيهة بالفتحات المائية الحديثة تحت الماء – حيث ربما استوطنت الكائنات الحية الدقيقة. قطرات كروية صغيرة في الصخور القريبة تدل على ضربات إضافية، مما يجعل هذا الموقع نظرة نادرة إلى الفترة التي تشكلت فيها سطح الأرض لأول مرة.
يقع الحفرة داخل طبقة صخرية تُسمى عضو وادي أنتاركتيكا، تحتوي على مواد متكسرة ومعادن كربونية، وطبقات بركانية تحتوي على أشكال “وسائد” من لقاء الحمم البركانية القديمة بالماء. الغياب الكامل للمخاريط المتصدعة في الطبقات العليا يشير إلى أن هذه المخاريط تشكلت في وقتٍ مبكرٍ للغاية. لا شك أن اصطدامات نيزكية هائلة حدثت في أيام الأرض الأولى، لكن معظم بقاياها اختفت مع مرور الوقت.
باختصار، منطقة بيلبارا توضح أدلة واضحة على تأثير هائل. اكتشاف رائع يُحفز نقاشات جديدة حول تأثير القصف الكوني على سطح الأرض، وربما حفز نمو أوائل أشكال الحياة على الكوكب. 🚀
مع ضرورة إجراء مزيد من الدراسات، يعتقد الفريق أن رسم الخرائط المتقدمة والفحص العميق لحزام الأخضر قد يكشف عن مواقع اصطدام أخرى كثيرة من التاريخ الجيولوجي المبكر. تحمل هذه الأحزمة دلائل قيّمة في طبقاتها البركانية والرسوبية. يأمل الباحثون في مزيد من الأدلة المباشرة على القصف القديم، مما يسلط الضوء على سلسلة الأحداث التي شكلت العالم في فصوله الأولى وربما لعبت دورًا في بدايات الحياة.
قال جونسون: “حتى الآن، غياب أي حفر قديم حقيقي يعني أن الجيولوجيين يتجاهلونها إلى حد كبير. هذا البحث يوفر قطعة أساسية من لغز تاريخ اصطدام الأرض ويُشير إلى أنه قد يوجد العديد من الحفر القديمة الأخرى التي يمكن اكتشافها بمرور الوقت.” 🧐
نُشر البحث في مجلة Nature Communications.
المصدر: زوم إي ساينس