أورانوس و نبتون ، دورة مكثفة في علم الفلك


Uranus & Neptune: Crash Course Astronomy #19


يورينوس أم يورَنوس أم يورانوس أم أورانُس؟

هناك خمسة كواكب في نظامنا الشمسي

يمكننا رؤيتها دون تلسكوب،

أو ستة إذا حسبنا الأرض،

لكن هناك كوكبان كبيران آخران

يدوران حول الشمس في الأعماق الباردة

للنظام الشمسي الخارجي هما أورانوس ونبتون.

وهما متشابهان كثيرًا

لكن لكل منهما بالطبع غرائبه الخاصة.

كان أورانوس أول كوكب يتم اكتشافه،

وأعني أنه لم يكن معروفًا في العصور القديمة.

وتطلب العثور عليه فلكي مع تلسكوب.

في عام 1781، كان ويليام هيرشل

يرصد السماء عبر تلسكوبه

عندما شاهد جسمًا مائلاً للاخضرار

وكان واضحًا أنه قرص وليس نقطة كالنجمة،

فسجل موقعها وأكمل عمله.

لكن عندما عاد لمشاهدتها مجددًا فيما بعد،

وجد لدهشته أنه تحرك،

وتقرر سريعًا أنه كوكب

أبعد عن الشمس من زحل.

ومن باب التملق، أطلق عليها اسم

“غيورغيم سيدوم” أو نجمة “جورج”

على شرف الملك جورج الثالث. لكن الاسم

تغيّر، وتماشيًا مع تسميات الآلهة الرومانية

سُميّ الكوكب الجديد أورانوس.

كان خيارًا جيدًا، فالكوكب يُمكن مشاهدته

بالعين المجردة إن كان نظرك قويًا

وكانت السماء مظلمة جدًا،

فهو بالكاد مرئي.

والغريب أن العديد من الناس

رصدوه قبل هيرشل لكنهم لم يلحظوا حركته.

بل أن بعضهم أدرجوه في خرائطهم كنجمة!

الكوكب ضخم، أكبر 14.5 مرة من كتلة الأرض

لكنه قليل الكثافة،

مما يعني أن داخله مكوّن من عناصر خفيفة.

النماذج العلمية للكوكب القائمة على فيزياء

وكيمياء النظام الشمسي الخارجي

تشير إلى أن داخله ربما يتألف من 3 طبقات عامة.

هناك لب صخري أصغر من الأرض

محاط بطبقة سميكة جدًا

من مواد مثل الماء والأمونيا والميثان.

يشكل هذا الدثار الجزء الأكبر من الكوكب،

وهو كثيف وساخن وتحت ضغط كبير.

وهو أشبه بالمحيط من نواحٍ كثيرة،

لكن المحيّر هو أن علماء الكواكب

يُشيرون إلى تركيبة الماء والأمونيا والميثان

بـ”الجليد”،

ورغم أنه مختلف عن الجليد الذي نعرفه

على الأرض، نقول إن دثار أورانوس “جليدي”.

ولتمييزه عن الكواكب الغازية العملاقة

كالمشتري وزحل، يُسمى أورانوس “عملاق جليدي”.

وبمناسبة الحديث عن الجليد،

توضح الدراسات أن الضغط داخل أورانوس

يمكنه تفتيت جزيئات الميثان

وضغط الكربون فيها بشدة

لدرجة أن يتشكل الماس

ويسقط إلى قاعدة الدثار كحبات البَرَد البرّاقة،

باستثناء أنها داكنة اللون،

لكن في أعماق أورانوس،

وربما يوجد محيط من الماس السائل

حيث تطفو الماسات الصلبة كأنها جبال جليدية!

لكننا لن نرى ذلك أبدًا.

فعندما نراقب الكوكب، نشاهد غلافه الجوي فقط،

بالإضافة إلى الهيدروجين والهيليوم،

يحتوي الهواء نحو 2% من الميثان.

الميثان يمتص الأشعة الحمراء جيدًا،

ما يعني أن الضوء الذي نراه منعكسًا من أورانوس

أخضر وأزرق في غالبيته مما يجعل الكوكب سماويًا

أو بلون الزبرجد، ويبدو خلابًا عبر التلسكوب.

لكن في الضوء المرئي يبدو الكوكب بلا ملامح،

وليس له طوق الألوان العميقة كالمشتري،

أو حتى الألوان الشاحبة في زحل،

لكن عند النظر في الأشعة تحت الحمراء

يمكن رؤية بعض الأطواق الملونة.

هناك غيوم، لكن تصعب رؤيتها في الضوء المرئي،

والغيوم مكونة من ميثان وأمونيا

وكبريتيد الهيدروجين، والأخير

هو ما يعطي البيض الفاسد رائحته السيئة.

أنصحكم بتجنب التنفس من الأنف

على أورانوس.

لكن حرارة غلافه الجوي نحو 220 تحت الصفر

وهو سبب أقوى لعدم الاستنشاق.

أواخر عام 2014، ظهرت مجموعة عواصف

في غلاف أورانوس الجوي وكانت كبيرة وساطعة

لدرجة أنها شوهدت بسهولة من الأرض،

وربما جرفت تلك العواصف ميثان جليدي عاكس

من أسفل الغلاف الجوي،

وهذه المرة أعني جليد حقيقي، ولهذا كانت ساطعة.

يقترب نصف أورانوس الشمالي

من التوقيت الصيفي

وهو على الأرجح

سبب تشكّل هذه العواصف.

وبهذا نصل إلى أغرب سمات هذا الكوكب،

ألا وهو ميلانه.

إن كنت فوق القطب الشمالي للأرض وتنظر للأسفل

سترى كوكبنا يدور عكس اتجاه عقارب الساعة

من الغرب إلى الشرق.

تدور الشمس وجميع الكواكب في ذلك الاتجاه،

باستثناء الزهرة وأورانوس.

انقلب الزهرة بشكل كامل، بينما انحرف أورانوس

نحو 98 درجة. مما يعني أن محوره موجّه

نحو الشمس مباشرةً في الصيف،

وبذلك تكون الفصول في أورانوس قاسية جدًا،

حسب معايير النظام الشمسي الخارجي. غريب!

لا أحد يعرف سبب شدة ميلان أورانوس.

يُمكن القول إنه تعرض لضربة قوية

نتيجة اصطدام منذ زمن بعيد،

وإن كان اصطدم بجسم كبير

فربما تسبب ذلك بانقلاب الكوكب.

أورانوس كوكب بعيد جدًا للأسف،

ولم تزره إلا مركبة فضائية واحدة

هي فوياجر 2 عام 1986، وكانت زيارة سريعة.

ميلان أورانوس الغريب هو أحد الأسرار الكثيرة

التي يحاول الفلكيون حلها

بعدد محدود من البيانات.

لأورانوس مجال مغناطيسي لكنه غريب جدًا،

فمحوره يميل 50 درجة عن محور دوران الكوكب.

وهو بعيد جدًا عن مركزه. فمركز الغلاف

المغناطيسي يبعد حوالي 8000 كم عن مركز الكوكب.

ربما يتولّد المجال المغناطيسي

في الدثار الجليدي،

أو أن اللب يتدخل بالمجال المغناطيسي بطريقة ما

فيعطل عمله.

الحقيقة أن لا أحد يعرف السبب.

يوجد لأورانوس أكثر من 24 قمرًا،

5 أقمار كبيرة ومجموعة أقمار أصغر منها.

معلومة رائعة: سُميت الأقمار بأسماء شخصيات

في مسرحيات شكسبير، وهي أرييل وأومبريل

وتايتينيا وأوبيرون وميراندا، وحتى باك،

وأهمها في رأيي هو ميراندا.

فعندما مرت به مركبة فوياجر 2

كشفت عالمًا جليديًا

يبدو أنه من ابتكار الدكتور فرانكشتاين،

وهو مزيج من التضاريس العشوائية

متجمعة معًا ويتخللها وديان وأخاديد.

ومن المرجح أن اصطدام عملاق قديم

أخل باستقرار القمر قليلًا،

ثم عاد للاستقرار مجددًا

بهذا الشكل الفوضوي.

لكن سبب إعجابي الشديد به هو معلم يُدعى

فيرونا روبيس، وهو أعلى جرف في النظام الشمسي،

حيث يبلغ ارتفاعه من 5 إلى 10 كيلومترات.

وإذا قفزت من قمتها،

سيستغرقك ست دقائق لتسقط على السطح!

ستكون تلك جولة رائعة.

مثل المشتري وزحل، لأورانوس

حلقة كوكبية أيضًا اكتشفت بالصدفة عام 1977،

كان علماء الفلك يرصدون أورانوس

وهو يمر مباشرة أمام نجم،

أملًا باستخدام ذلك لجمع معلومات

عن الغلاف الجوي للكوكب عند مرور ضوء النجم به.

لكنهم شاهدوا عدة انخفاضات في ضوء النجم

قبل الحدث الرئيسي،

فأدركوا أنها قادمة

من حلقات محيطة بالكوكب.

الحلقات مكوّنة من جسيمات داكنة

هي على الأرجح جليد وجزيئات عضوية حمراء.

وهناك 13 حلقة معروفة

معظمها باهت وضيق وربما تكوّنت

من اصطدام دمرّ قمرًا صغيرًا يدور حول أورانوس،

لكن أصول الحلقة غير واضحة حاليًا.

ثم أخيرًا لدينا كوكب نبتون،

حامي المناطق السفلى في النظام الشمسي.

وهو عملاق جليدي كأورانوس ويشبهه كثيرًا.

فمثل شقيقه الأخضر،

ربما له لُب صخري يُحيطه

دثار جليدي سميك من الماء والأمونيا والميثان،

وفوق ذلك غلاف جوي

من الهيدروجين والهيليوم والميثان.

لكن هناك بعض الاختلافات أيضًا. نبتون أضخم

من أورانوس، فكتلته ضعف كتلة الأرض 17 مرة

بينما كتلة أورانوس ضعف كتلة الأرض 14،5 مرة،

ونبتون أصغر قليلًا من أورانوس،

ما يعني أنه أكثف بكثير، وأورانوس لونه

أخضر مزرق، أما نبتون فأزرق سماوي داكن.

وأحب تسميته “الكوكب الأزرق الآخر”،

أما الأول فهو الأرض.

عبر التلسكوب، لون نبتون جميل، وفي غلافه

الجوي نفس كمية الميثان الممتص للطيف الأحمر

كما في غلاف أورانوس الجوي،

وعليه فإن سبب لونه الأزرق الداكن غير واضح.

قد يعود ذلك لغلافه الجوي النشط.

فعلى عكس أورانوس الفاتر، يحتوي نبتون على غيوم

من الميثان والأمونيا وكبريتيد الهيدروجين

التي ترقد في السماء بأعماق مختلفة،

وقد شوهدت غيوم مخططة بيضاء خلال رحلة فوياجر 2

عام 1989. وبدت متأثرة بالغيوم

ولسبب وجيه، فقد بلغت سرعة الرياح الثابتة

في غلاف نبتون الجوي

أكثر من 2000 كم في الساعة،

أي أسرع من سرعة الصوت على الأرض!

اعتُقد أن تدني درجات الحرارة في الغلاف الجوي

يقلّل الاحتكاك لتحقق الرياح تلك السرعة المدهشة

رصدت فوياجر عاصفة هائلة تشوّه سطح نبتون،

وسُميت لسبب ما “البقعة المظلمة العظيمة”.

وبعد بضع سنوات قليلة، عندما استُخدم هابل

لمراقبة الكوكب، اختفت البقعة،

لكن ظهر غيرها

وهي ربما دوامات وأعاصير تتيح لنا الرؤية

من خلال الغلاف الجوي العلوي

والنظر أكثر في أعماق نبتون.

يحتوي نبتون على مجالٍ مغناطيسي،

وهو كما في أورانوس، بعيد عن مركز الكوكب.

ربما الدثار الجليدي

يعبث بتوليد المجال المغناطيسي بطريقة ما

في الكوكبين.

وثمة حلقات في نبتون أيضًا،

لكنها غريبة، هناك ثلاث حلقات رئيسية:

اثنتان رفيعتان وواحدة عريضة،

وهي متراصة ولها امتدادات ساطعة تجعل الحلقات

تبدو مثل الأقواس الناقصة.

وقد تكون هذه الأقواس محصورة

بسبب أقمار صغيرة قرب الحلقات.

ولنبتون أكثر من اثني عشر قمرًا معروفًا،

معظمها صغير جدًا، لكن أحدها

وهو ترايتون، هو الأكبر،

وهو بقطره البالغ 2700 كم أصغر من قمرنا،

لكن بقية الأقمار صغير جدًا. يدور ترايتون

حول نبتون بطريقة عكسية.

وكما سنعرف في حلقة قادمة، هناك مستودع

كرات جليدية عملاقة بعد نبتون،

والأرجح أن ترايتون كان أحدها

واقترب كثيرًا من نبتون فالتقطته الجاذبية.

معظم ما نعرفه عن ترايتون

جاء من رحلة فوياجر 2 القصيرة عام 1989،

ولم يتم رصد إلا 40% من سطحه. لكن تلك

اللمحة القصيرة كشفت وجود قمر صغير غريب.

السطح مغطى بجليد النيتروجين،

إلى جانب الماء وثاني أكسيد الكربون.

وهو مُنبسط وفيه بضع فوهات، مما يعني أن شيئا

برز للسطح مؤخرًا في المقياس الزمني الجيولوجي،

والأرجح أن سببها براكين ثلجية

وهي براكين يحل فيها الماء والأمونيا

محل الحمم البركانية.

كما تم رصد سخّانات نشطة من النيتروجين

وهي تتفجر من سطح ترايتون!

وربما نتجت بسبب حرارة الشمس،

مما يجعل ترايتون أحد الأجسام القليلة

في النظام الشمسي التي رُصد عليها نشاط جيولوجي.

كما أن له غلاف جوي رقيق من النيتروجين

ربما بسبب التبخر من السطح.

بعد كل هذا، ثمة شيء آخر يُميز نبتون.

نبتون كوكب شاحب ولا يمكن مشاهدته

إلا عبر التلسكوب، واكتشف عام 1846، وليس صدفة.

على مدى العقود، رصد علماء الفلك

كوكب أورانوس، ولاحظوا شيئا غريبًا،

لم يكن بمكانه الصحيح.

فقد تغيّر موقعه المتوقع مع مرور الوقت.

وقد استنتج عالم الرياضيات الفرنسي

أوربان لي فيرييه أن سبب ذلك

هو كوكب غير مرئي، وتمكن

من توظيف رياضيات الميكانيكا المدارية للتنبؤ

بالمكان المحتمل لهذا الكوكب الجديد.

أرسل رسالة بالموقع المتوقع إلى مرصد برلين،

فقرأ الفلكي يوهان غالا الرسالة

فخرج ووجد الكوكب في الليلة نفسها.

كان نبتون على بعد درجة واحدة

من البقعة المتوقعة.

والمذهل أن عالم رياضيات آخر، هو الإنجليزي

جون كوش آدامز قام بالعمليات الحسابية

وقدم تنبؤات مماثلة،

لكن لي فيرييه سبقه بيومين.

يومان. مثل هذه المنافسات المتقاربة

هي التي تصنع الشهرة في العلم.

والمثير للاهتمام، مع مرور الوقت،

بدأ نبتون أيضًا يخرج عن مكانه المتوقع.

فتم التنبؤ بوجود كوكب ضخم تاسع،

مما أدى لبحث كبير نتج عنه اكتشاف بلوتو

لكنه كان أصغر من أن يؤثر في نبتون.

وعندما مرت فوياجر من أورانوس ونبتون،

وجدت أن كتلتي الكوكبين مختلفتان

عن القياسات المأخوذة من الأرض،

وعندما استُخدمت الكتلتان الجديدتان

في المعادلات المدارية، وُجد أورانوس ونبتون

حيث يُفترض تمامًا. فمن المفيد

توفر الأرقام الصحيحة لتكون المعادلات صحيحة.

وعليه فقد تم اكتشاف بلوتو عن طريق الصدفة.

مما يعني أن نبتون هو الكوكب الوحيد

في النظام الشمسي الذي تم اكتشافه بالرياضيات،

إذا فقد كان معلم مادة الجبر مصيبًا،

يومًا ما، ستكون هذه الأمور مهمة.

تعلمتم اليوم أن أورانوس ونبتون

كوكبان جليديان عملاقان لكل منهما لب صخري صغير

ودثار سميك مكوّن من الأمونيا والماء والميثان،

وغلاف جوي يجعل لونه أخضر مائلًا للأزرق.

طقس أورانوس غائم

بينما نبتون فيه غيوم وعواصف ورياح قوية.

كلاهما له حلقات وأقمار،

وربما تحوّل ترايتون قمر نبتون

إلى كرة ثلجية ونشطة جيولوجيًا.

تم إنتاج البرنامج بالاشتراك

مع أستوديوهات PBS Digital،

زوروا قناتهم على يوتيوب للمزيد من الفيديوهات

الرائعة. هذه الحلقة من تأليفي أنا فيل بليت

وقام بتحرير النص بليك دي باستينو

ومستشارتنا هي الدكتورة ميشيل ثولر.

أخرج الحلقة نيكولاس جنكينز،

ومحررنا ومدقق النص هو نيكول سويني.

مصمم الصوت هو مايكل إراندا،

وفريق الغرافيك هو Thought Café.

اترك تعليقاً