.كانت الزهرة “فينس” إلهة الحب الرومانية
وبصدق، إن سبق ورأيتم الكوكب بعد غروب الشمس
.معلّق مثل ألماسة في الشفق، إنه جميل جدًا
.لكن مشكلته الوحيدة هي أنه كالجحيم
،إن الزهرة هو ثاني أقرب كوكب من الشمس
.أي أنه أقرب إليها من الأرض
وهو ثالث أكثر جسم طبيعي سطوعًا في السماء
.بعد الشمس والقمر، وهو ساطع جدًا إن رأيتموه
،في الحقيقة
.يظن الكثير من الناس أنه طائرة عندما يرونه
.حتى أن البعض يبلغون أنه مركبة فضائية
،ومثل عُطَارِد، لا يبتعد كثيرًا عن الشمس
.فأبعد مسافة بينهما تكون 45 درجة
الوقت الأمثل لمشاهدته
.هو بعد الغروب أو قبل الشروق
يظهر التلسكوب أن الزهرة يمر بمراحل
.مثل القمر وعطارد
عندما يبتعد عن الأرض، نُشاهد جانبه المضيء
فيبدو كاملًا كالبدر. ثم عند دورانه
،حول الشمس واقترابه من الأرض في مداره
،يبدو لنا أكبر لأنه يقترب
لكن حجمه يتضاءل ويصبح في طور الأحدب المتناقض
.ثم في طور التربيع الثاني ثم يصبح هلالًا
،موقعه الأقرب إلينا هو بين الشمس والأرض
،حيث يبعد عنا 45 مليون كيلومتر
،ويكون هلالًا رفيعًا جدًا في تلك المرحلة
لكنه قريب منا كفاية
.حيث يمكننا رؤيته بسهولة من خلال منظار
من المفارقة أنه رغم أننا لا نرى منه
سوى جزءًا صغيرًا ساطعًا حينها، إلا أنه يبدو
كبيرًا جدًا بحيث يكون أكثر سطوعًا في الحقيقة
.مما يكون عليه وهو مكتمل وبعيد جدًا
مدار الزهرة حول الشمس مائل نحو الأرض
.بأكثر من ثلاث درجات بقليل
،لذا كما يُرى القمر من الأرض
يمر الزهرة عادة فوق الشمس أو تحتها في السماء
.بينما يدور حول الأرض ويمضي في مداره
،وكما يحدث مع القمر تمامًا
تصطف المدارات في بعض الأحيان في أماكن مناسبة
.ليمر الزهرة أمام الشمس مباشرةً
،يسمى هذا الحدث بالعبور. وخلال كسوف شمسي
،يمكن للقمر أن يحجب الشمس بأكملها
،لكن الزهرة أبعد بكثير
لذا لا يمكنها أن تحجب سوى واحد بالعشرة بالمئة
من الشمس. ويبدو الكوكب كدائرة سوداء
.مقابل الشمس
،كان العبور مهمًا جدًا قبل قرون
فقد أدرك العلماء
أنه من خلال توقيت بداية ونهاية
عبور كوكب الزهرة واستخدام علم الهندسة
يمكنهم أن يحددوا بعده عنا، ثم استخدام ذلك
.كمقياس لحساب حجم النظام الشمسي بكامله
تم إرسال بعثات كبرى إلى بقاع نائية
.في الأرض حيث يكون العبور مرئيًا
لكن اتضح أن الغلاف الجوي الأرضي
يجعل قرص الزهرة غير واضحًا
.ما يمنعهم من تحديد وقت العبور بدقة
توجب على العلماء الانتظار حتى اختُرع الرادار
ووسائل أخرى لتحديد مسافات الكواكب بدقة
في النظام الشمسي، لكن لا يزال العبور
.مشهدًا مذهلًا، فحدوثه نادر جدًا
يصطف مدارا الزهرة والأرض مرتين
،تفصل بينهما ثمانية سنوات
.ولا يتكرر ذلك لأكثر من قرن
.حدث آخر عبورين في عامي 2004 و2012
،حالفني الحظ لرؤية كليهما
وكانا بمنتهى الروعة. لكن العبور القادم سيحصل
.في 10 كانون الأول ديسمبر لعام 2117
.إن فاتكم آخر عبورين، أتأسف عن ذلك
يكون الزهرة ساطعًا جدًا في بعض الأحيان
،لدرجة أنه يمكن رؤيته في وضح النهار
،وقد رأيته بنفسي. إليكم سؤالًا مفروغًا منه
لمَ الزهرة ساطع جدًا؟
تظهر التلسكوبات أنه قرص أبيض خالٍ من أية
تضاريس تقريبًا ومغطى بطبقة كثيفة من السحب
.تعكس معظم أشعة الشمس التي تصل إليه
،حسنًا، لهذا هو ساطع
لكن ما سبب سماكة غيومه؟
تبين أن الزهرة جميل عن بعد، لكن عن قرب
.إنه مرعب
من بعض الجوانب، إنه أكثر الكواكب
.شبهًا بالأرض من النظام الشمسي
إنه أصغر من الأرض بقليل، حيث يبلغ عرضه 12،100
،كيلومتر، أي حوالي 95 بالمئة من عرض الأرض
.ويمتلك 80 بالمئة من كتلة الأرض
.لكن إن كان توأمًا للأرض، إنه التوأم الشرير
،الزهرة أقرب إلى الشمس
،إذ يبعد عنها 110 مليون كيلومتر
،أي ثلثي المسافة بين الأرض والشمس
.فمن الطبيعي أن يكون أكثر دفئًا
لكن ليس من الطبيعي أن حرارة سطحه تبلغ 460
.درجة مئوية وهي حرارة كافية لإذابة الرصاص
،وتزداد الأمور سوءًا من هنا
،فمعظم هوائه مكوّن من ثاني أكسيد الكربون
.وضغطه الجوي أكثر بـ90 مرة من ضغط الأرض
،وكأن ذلك ليس سيئًا كفاية
أمطاره مكونة من حمض الكبريتيك، لكن حرارته
.الشديدة تبخر القطرات قبل وصولها إلى سطحه
.أجل، إن الزهرة كالجحيم
لماذا؟ ما سبب هذه الحرارة الشديدة؟
.اتضح أنه ضحية لاحتباس حراري متدهور
،ربما كان الزهرة أكثر اعتدالًا في الماضي
،وربما كان يملك محيطات من المياه
،لكن الشمس كانت أبرد عندما كانت صغيرة
.وازدادت حرارتها مع الزمن
ويُعتقد أنه في مرحلة ما سخنت الشمس
.كوكب الزهرة لدرجة أن محيطاته بدأت تتبخر
ولأن بخار الماء من الغازات دفيئة الفعالة
.فقد زاد من ارتفاع حرارة الزهرة بسرعة
،أصبح حارًا جدًا لدرجة أن المحيطات تلاشت
وأي ثاني أكسيد الكربون كان مُذابًا في الماء
انتقل إلى الجو، وبالتالي سخن الكوكب أكثر
.وجعل الغلاف الجوي أكثر سماكة
أصبحت حرارته عالية جدًا لدرجة أن
…ثاني أكسيد الكربون خرج من الصخور. وهذا مثل
وضع غازولين على نار ملتهبة. لم تعد السيطرة
.على الاحتباس الحراري ممكنة في تلك المرحلة
لا يمتلك الزهرة مجالًا مغناطيسيًا
،يحميه من الرياح الشمسية التي تهب بجانبه
أدى ذلك إلى تجريد الكوكب من الكثير
،من العناصر الخفيفة على مدى مليارات السنين
بالإضافة إلى الماء كله. والكيمياء الجوية
.الناتجة سيئة جدًا مقارنة بالأرض
،ثاني أكسيد الكبريت منشر بكثرة هناك
.وتتشكل السحب من حمض الكبريتيك
تلك السحب مرتفعة جدًا عن سطحه
.وشديدة البياض وعاكسة للضوء
.هذا أمر مدهش عند التفكير به
ازدادت حرارة الشمس فازدادت حرارة الزهرة
ثم أدت أحداث متتالية إلى جعله بيئة خطيرة جدًا
.بسبب تأثير الاحتباس الحراري المتدهور
،بالرغم من أن عطارد أقرب إلى الشمس
.إلا أن حرارة الزهرة أعلى منه بكثير
ونظرًا إلى هذا، فآخر ما نتوقع وجوده
!على الزهرة هو الجليد. حسنًا، هذا ممكن
تظهر المراقبات أن هناك شيئًا لامعًا
،على قمم الجبال، لذا يمكن أن يكون ثلجًا
لكنه ليس ثلجًا مكونًا من الماء مثل الموجود على
،الأرض. يُعتقد أنه في المنخفضات الأكثر عمقًا
تتبخر المعادن مثل البزموثينايت والغالينا
بفعل الحرارة، ثم تنتشر في الجو
إلى أن تستقر على قمم الجبال
.حيث يكون الجو أكثر برودة
إن كان هذا صحيحًا، سيكون الزهرة كوكبًا غريبًا
.جدًا لدرجة أن ثلوجه مصنوعة من المعادن
،ثمة ظواهر غريبة أخرى في الزهرة أيضًا
،منها معدل دورانه البطيء جدًا
فاليوم الواحد في الزهرة
يُعادل 243 يومًا في الأرض. يدور ببطء شديد
لدرجة أنه يمكنكم الركض عند خطه الاستوائي
بسرعة تفوق سرعة دورانه. قد يكون دورانه البطيء
،هو سبب افتقاره لمجال مغناطيسي على الأغلب
فالدوران مهم لتوليد المجالات المغناطيسية
.للأجسام مثل الأرض والشمس
،كوكب الزهرة يدور إلى الخلف أيضًا
،وهذا يسمى بالحركة التراجعية
وتعني أن القطب الشمالي
.حل مكان القطب الجنوبي، أي انقلب بكامله
.سبب حدوث هذا غير واضح بعد
تم اقتراح العديد من الأفكار
،ومنها انفجار هائل أوقف دوران الكوكب
،لكن حتى الآن
.لم نفهم سبب بطء دوران الزهرة تمامًا بعد
،العيش على كوكب الزهرة تجربة غريبة
فسماكة السحب
.تجعله بظلمة الشفق على الأرض
،رغم أنه أقرب إلى الشمس من الأرض
وسماكة الغلاف الجوي تجعل حرارة السطح متساوية
.في جميع الأنحاء، من القطب إلى خط الاستواء
.بسبب دورانه العكسي، تشرق الشمس من الغرب
،وبسبب دورانه البطيء
،يكون يومه أطول من سنته
.ما يجعل وضع تقويمات سنوية له أمرًا فوضويًا
لكنكم لن تهتموا بالتقويمات
،إن كان عليكم العيش هناك
.لا يمتلك الزهرة قمرًا
،ولكونه أقرب إلى الشمس من الأرض
فمن الممكن أن جاذبية الشمس
،قد أخلت بتوازن أي قمر كان يملكه من قبل
.ثم أبعدته عن مدار الزهرة في النهاية
.وربما لم يكن يمتلك قمرًا منذ البداية
.وإليكم حقيقة ممتعة أخر
.إن الزهرة هو أكثر الكواكب كروية
لأنه يدور ببطء شديد، لا يتوسع عند خط استوائه
.بسبب قوة الطرد المركزي مثل الأرض
وقطر الكوكب بين القطبين
.يكاد يطابق قطره عند خط الاستواء
،البيانات قليلة حول باطن الزهرة
لكن بالنظر إلى تشابهه مع الأرض
،في التركيبة والحجم
فليس من المستبعد أنه يمتلك لبًا ودثارًا وقشرة
،مثل الأرض. لكن حتى مع غلافه الجوي الغريب
.إن سطح الزهرة مختلف جدًا عن الأرض
.لا يمتلك الزهرة نشاطًا تكتونيًا مثل الأرض
،يُعتقد أن المياه هي ما يحرك الصفائح التكتونية
وفقد الزهرة مياهه
.بسبب الاحتباس الحراري قبل زمن طويل
،ومع ذلك، يبدو السطح حديثًا جدًا
،حيث تم إيجاد ألف فوهة صدمية تقريبًا
.وهي موزعة على أنحائه بالتساوي
،يبدو معظمها في حالة جيدة
فعدم تعرضها للتآكل الشديد
،يعني أنها ليست قديمة جدًا. وليس هذا فقط
فيبدو أن التآكل الذي نراه من الأرض
،متشابه لجميع الفوهات
.ما يشير إلى أن لها العمر نفسه تقريبًا
هذا غريب! كل هذا يشير
إلى وقوع كارثة غيرت تضاريس سطح الكوكب
.قبل نصف مليار سنة تقريبًا
،وتم القضاء على أي ملامح سبقتها
ثم تسببت صدمات قوية عبر الوقت بالفجوات التي
نراها. لكن ماذا يمكن أن يعيد تشكيل كوكب كامل؟
يمكن استنباط سبب هذا عبر حساب عدد البراكين في
،الزهرة، فهناك 167 بركان قطرها أكبر من 100 كم
،وهذا عدد كبير. وعلى مر الوقت
يمكن لهذه البراكين أن تضخ حممًا كافية
.لتغطي سطح الزهرة بأكمله
وهناك أدلة غير مباشرة كثيرة أيضًا
.تثبت استمرار النشاط البركاني حتى الآن
هناك جبل على الزهرة اسمه إدون مونس
،يُلاحظ أن حرارته عالية بشكل غير طبيعي
.ما يشير إلى وجود صهارة أسفل قمته
انخفض معدل ثنائي أكسيد الكبريت كثيرًا في
الثمانينيات، ما قد يشير إلى ثوران بركاني ضخم
أطلق كمية كبيرة من الغاز ثم خمد
،في السبعينيات. لكن بناءً على تخميناتنا فقط
من الممكن أن يكون الكوكب بأكمله
عبارة عن بركان هائل، وكأنه حلة ضغط عملاقة
مليئة بحمم بركانية جامحة. وفي كل بضعة مئات
ملايين السنين، يخرجها السطح بثوران هائل
.ويغطي كل شيء بحمم بركانية
تختلف بعض الخصائص البركانية بين الأرض والزهرة
،حيث لا توجد صفائح تكتونية
فيمكن لحمم متسربة تثور ببطء من باطن الكوكب
.أن تبقى في مكان واحد لمدة طويلة
وينتج عن ذلك تشكل قبب فطائر محلاة، وهي قبب
،مسطحة وكبيرة ومنخفضة عرضها عشرات الكيلومترات
.لكن ارتفاعها أقل من كيلومتر
،وهذه القبب تكونت من حمم لزجة جدًا على الأغلب
.ولهذا إن القبب مسطحة ومنبسطة
كما أن الحرارة الشديدة للزهرة حافظت على سخونة
.الحمم وساعدتها على الانبساط أكثر أيضًا
،وملاحظة أخيرة، بناءً على اتفاق دولي
،إن تضاريس كوكب الزهرة
كالجبال والسهول والفوهات وغيرها، قد سُميت
.على اسم نساء أو إلهات من حضارات مختلفة
،وهذا تقدير للكوكب الذي سمي على اسم إلهة
.ولكنها فكرة رائعة أيضًا
،تعلمتم اليوم أن الزهرة يشبه الأرض في الحجم
،لكن غلافه الجوي سميك للغاية
وأن تأثير الاحتباس الحراري المتدهور
.يجعله أكثر الكواكب سخونة في النظام الشمسي
إنه أبطأ الكواكب في الدوران كما أنه يدور
بالعكس. وقام نشاط بركاني هائل قبل دهور
،بإعادة تشكيل سطح الكوكب بأكمله
.ومن الممكن أنه لا يزال نشيطًا حتى الآن
تم إنتاج البرنامج بالاشتراك
.PBS Digital Studios مع
.شاهدوا قناتهم لمتابعة حلقات رائعة أخرى
قمت أنا، فيل بليت، بكتابة هذه الحلقة
وقام بتصحيح النص بليك دي باستينو ومستشارتنا
…هي د. ميشيل ثالر. شارك في الإخراج
نيكولاس جنكينز ومايكل أراندا، وحررتها
.Thought Café نيكول سويني، وفريق الرسومات هو