مرحبًا، أنا فيل بليت وهذا برنامج
Crash Course Astronomy
ذكرت في حلقة الأسبوع الماضي
أن كل معلوماتنا عن الكون تأتي بشكل ضوء.
ولكن كيف يتكون هذا الضوء؟
وماذا يخبرنا عن الأجسام الفلكية؟
وما هو الضوء بصراحة؟
سأقدم لكم لمحة.
الضوء هو موجة، استغرقت معرفة ذلك
قرونًا من التفكير والتجارب.
ولمعرفة أن الضوء شكل من أشكال الطاقة.
إنه يتنقل بموجات
مشابهة لموجات المياه في المحيط.
لكنّ الضوء يتولد بحقول كهربائية ومغنطسية
فالضوء حزمة صغيرة مكتفية ذاتيًا.
تنشأ من هذين الحقلين المتشابكين،
لهذا نسمي الضوء بالإشعاع الكهرومغناطيسي.
تفاصيل هذا الأمر معقدة جدًا. ولكن يمكننا
التوصل إلى استنتاجات جيدة عن الضوء
باعتباره موجة.
إن كنتم تطفون بالمحيط، فسترفعكم كلّ موجة
ثُمّ تُنزلكم لتعيد الموجة التالية رفعكم.
وتسمى المسافة بين قمم الأمواج
“الطول الموجي”.
بما أن الضوء موجة، فإنّ له طول موجي أيضًا.
وقد يكون هذا أهم ميزة له
لأن طاقة الضوء ترتبط بطول موجته.
فالضوء بطول موجي أقصر تزيد طاقته
والضوء بطول موجي أكبر له طاقة أقل.
وتمتلك عيوننا قدرة مواتية
لكشف الطاقة المختلفة: وهي تمييز اللون!
ما تعتبرونه اللون البنفسجي
هو الضوء قصير الموجة الذي يصل إلى العين.
للضوء الأحمر طول موجي أكبر، وهو بضعف
المسافة بين قمم موجات الضوء البنفسجي.
الطول الموجي للألوان بين هذين اللونين
وهي البرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق،
هو طول موجي متوسط، ويُسمّى امتداد الألوان
والأطوال الموجية هذا بالطيف الضوئي.
على مر السنين، كشفت أعيننا
نوع الضوء الذي تطلقه الشمس بقوة.
وهذا منطقي لأنه يجعل الرؤية أسهل!
نُسمي هذا النوع من الضوء: الضوء المرئي.
ولكنّ هذا جزء صغير من أطوال الضوء الموجية
فإن كان للضوء طول موجي أقصر مما يمكننا رؤيته
فإنه غير مرئي ولكنه ما يزال حقيقيًا.
ونسمي ذلك الأشعة فوق البنفسجية
أما الضوء ذو الطول الموجي الأقصر
يندرج تحت الضوء السيني بالطيف.
وتُسمى أقصر موجات الضوء بأشعة غاما.
بالجهة الأخرى، الضوء بطول موجي
أكبر من أكثر درجات اللون حمرة
يسمى الأشعة تحت الحمراء. وتسمى موجات
الضوء الأطول من ذلك بموجات الميكرويف
أما الموجات ذات الطول الأكبر
تسمى بموجات الراديو.
ليس لهذه المجموعات المختلفة
تعريفات محددة. لذا اعتبروها مبادئ عامة.
ونسمي الأنواع المختلفة للضوء
بالطيف الكهرومغناطيسي.
وتذكروا أنّ الطاقة تزيد بانخفاض الطول.
ولذا فإنّ طاقة الأشعة فوق البنفسجية أكبر
وطاقة الأشعة السينية أكبر منهما
أمّا طاقة أشعة غاما فهي الكبرى.
وطاقة الأشعة تحت الحمراء أقل من الضوء
الأحمر، وأشعة الميكروويف أقل من ذلك.
وموجات الراديو لها الطاقة الأدنى.
عند النظر للطيف الكهرومغناطيسي،
ستلاحظ أننا نرى وميضًا صغيرًا منه
فالكون غير مرئي لعيوننا!
لذلك صنعنا أنواعًا مختلفة من المقراب،
للكشف عن الضوء الذي لا يمكننا رؤيته.
إنها تمكننا من رؤية الاشياء
التي لن نلاحظها أبدًا.
لذا قد تسألون: كيف يتكون الضوء؟
إن إحدى أكثر مزايا المادة أهمية
هي أن تسخينها يكسبها الطاقة
ثم تحاول التخلص من تلك الطاقة المكتسبة.
بما أن الضوء طاقة فإن إحدى
طرق التخلص من الطاقة هي إطلاق الضوء.
وهناك خاصية هامة أخرى
وهي أن هذا الضوء المنبعث يعتمد على حرارته.
فالجسم الأكثر حرارة يطلق ضوء بطاقة أكبر
أي بطول موجي أقصر
أما الأجسام الباردة
تطلق ضوء بطول موجي أكبر
ربما شهدتم ذلك بالواقع، سخنوا قضيب حديد
وسيتوهج باللون الأحمر، ثم البرتقالي
ثم الأصفر كلما ازداد سخونة.
يتغير اللون والطول الموجي كلما سخن القضيب.
يختصر علماء الفلك هذا
ونقول أن الضوء بموجة أقصر أكثر زرقة
والضوء بطول موجي أكبر أكثر “احمرارًا”.
لا تفهموا الأمر بطريقة حرفية!
فنحن لا نعني لونًا أكثر زرقة أو احمرارً حقًا
وإنما أن الموجات تتناقص أو تتزايد
فالأشعة فوق البنفسجية أكثر زرقة من الأزرق
والأشعة السينية أكثر زرقة من فوق البنفسجية.
الأجسام الأكثر نشاطًا لها درجة حرارة أعلى
أكثر زرقة من الأجسام الأكثر برودة واحمرارًا.
تنطبق هذه القاعدة على للأجسام الكثيفة
كقضبان الحديد والنجوم. وحتّى البشر!
أنت تطلق الضوء، ولكن بالأشعة تحت الحمراء
التي لا يمكن لأعيننا رؤيتها.
هناك أشياء أقل كثافة بالفضاء،
كسحب الغاز، وتختلف طريقتها بإطلاق الضوء.
لفهم ذلك،
علينا الاقتراب منها والنظر إلى ذراتها.
لفهم هذا نحتاج للحديث الموجز عن بنية الذرة.
الذرة هي وحدة بناء المادة
تتكون الذرات من ثلاثة جسيمات دون ذرية:
بروتونات، نيوترونات، إلكترونات.
البروتونات لها شحنة كهربائية موجبة
وللاكترونات شحنة سالبة، والنيوترونات محايدة.
البروتون والنيوترون أكبر من الإلكترون
وتحتل مراكز الذرات، بالنواة.
تدور الإلكترونات حول النواة تجذب شحنتها
السلبية الشحنة الموجبة للبروتونات.
يعتمد نوع الذرة على عدد البروتونات
بالنواة. للهيدروجين بروتون واحد
وللهليوم اثنان،
والليثيوم ثلاثة وهكذا بقية العناصر.
يشيع اعتقاد بأن الإلكترون يدور حول النواة
كدوران الكوكب حول الشمس
ولكن هذه الوضع الحقيقي معقد جدًا
ويتضمن الكثير من الميكانيكا الكمية الدقيقة
ولكن في النهاية، يسمح للإلكترون
احتلال مساحات محددة حول النواة
وهي تعتمد على طاقة الإلكترون
وكأنها درجات السلالم، حيث الهبوط هو النواة.
عندما تصعدون درجات عليكم استخدام الطاقة
وعندها، عليكم الصعود درجة واحدة كل مرة،
ولن تتمكنوا من مواصلة الحركة
إن لم تمتلكوا الطاقة للخطوة التالية.
يمكنكم أن تصعد الخطوة الأولى أو الثانية
ولكن لا يمكنك أن تكون على درجة واحد ونصف
فهي ليست موجودة!
ينطبق الأمر على الإلكترونات
تدور حول النواة بكمية محددة من الطاقة.
إن أعطيتها كمية إضافية من الطاقة
ستنتقل إلى مستوى الطاقة التالي
إن أعطيتها كمية غير مناسبة فلن تتحرك.
والعكس صحيح؛ تكون طاقة الإلكترونات أعلى
أي في درجة أعلى،
ثم تطلق الطاقة عند النزول للأسفل.
الكمية التي تطلقها
نفس الكمية التي تحتاجها للقفز.
وكيف تحصل على هذه الطاقة؟ الضوء!
إن ضرب الضوء الذرة بالكمية المناسبة من الطاقة
يمتصها الإلكترون ويقفز إلى الأعلى
كما قد يقفز إلى الأسفل ويبعث الضوء كذلك.
قد يقفز الإلكترون خطوتين، أو ثلاث
ولكنه يحتاج للطاقة الصحيحة للقيام بذلك.
كما قلت سابقًا، الطاقة والطول الموجي
متشابهان وهذا يعادل اللون.
عندما يقفز الإلكترون لأعلى أو أسفل
يمتص أو يطلق لونًا محددًا من الضوء.
كما تختلف الخطوات باختلاف الذرات.
والتزامًا بصيغة التشبيه هذه
الذرات المختلفة
كدرجات السلم متنوعة الارتفاع.
ولذلك عندما يقفز الإلكترون خطوة
بذرة الهيدروجين، يطلق طاقة مختلفة،
ولونًا مختلفًا عن الضوء من الإلكترون
الذي يقفز بذرة هليوم أو كالسيوم
هذا هو مفتاح الكون
لأن الذرات المختلفة تطلق ألوانًا مختلفة
إن استطعنا قياس هذا الضوء من حيث المبدأ،
سنتمكن من تحديد مكونات جسم ما
حتى لو لم نلمسه.
ولو كان على بعد سنوات ضوئية!
أيمكنكم معرفة الفرق بين هذين المربعين؟
لهما درجتان من اللون الأحمر
قد لا ترى العين الفرق، لكن المطياف يمكنه ذلك.
هذا جهاز يمكنه قياس الطول الموجي للضوء،
كما يمييز بين الضوء المنبعث من ذرة
الهيدروجين والضوء المنبعث من الهيليوم.
عندما تربطون المطياف بمقراب،
ستعرفون مكونات الأجسام الفلكية.
في حالة سحب الغاز الرقيقة بالفضاء،
تطفو الذرات بحرية ونادرًا ما تتصادم
تطلق الذرات ألوان فردية للضوء،
مما يسمح بالتعرف عليها
وبعكس النجوم الكثيفة، يعتمد لون الغاز
على محتوياته أكثر من حرارته
وهكذا عرفنا مكونات الكون.
إنّ النجوم والسحب الغازية في الفضاء
مكونة من الهيدروجين وبعض الهليوم
وعناصر أثقل
أما غلاف كوكب المشتري فيحتوي على الميثان
والزهرة على ثاني أكسيد الكربون
لكل شيء في الكون مزيج مكونات خاص ككعك
المخبز. ومع التحليل الطيفي، سنتذوقها.
ولكن انتظروا! هناك المزيد.
قد سمعتم بتأثير دوبلر: وهو
تغير التردد عندما تمر دراجة نارية مثلًا.
يُعرف الطول الموجي التردد
فالأصوات العالية، لها موجات أقصر
والأصوات الأخفض لها موجات أطول.
عندما تتجه دراجة نحوك، تضغط الموجات
الصوتية فيرتفع التردد بعد مرورها عنك
ويقل التردد الملعب
لأن الطول الموجي يزداد.
يحدث الشيء نفسه بالضوء، فإن اتجه الجسم
نحوك يضغط الطول الموجي للضوء من المصدر
ليصبح أقصر
فنقول أن الضوء تحول للأزرق،
إن اتجه بعيدَا، يطول الطول الموجي
ليتحول للأحمر، طبقوا الأمر على الطيف
بقياس هذا التحول، يمكننا معرفة
إن كان جسم يتجه نحونا أو بعيدًا عنا.
دعوني أشوِقكم: سيصبح هذا مهمًا
عندما نتحدث عن المجرات.
الكون يتوسع والتحول للأحمر
هو من أتاح لنا اكتشاف ذلك.
وليست تلك النهاية.
فبالتقنيات الطيفية الأخرى
يمكننا تحديد دوران جسم وسرعته
وإن كان له حقل مغناطيسي ومدى قوته،
وحتى مدى كثافة الجسم. إنّ كمية هائلة
من الخصائص الأساسية من الأجسام الفلكية
يمكن العثور عليها
من خلال تشريح ضوءها إلى الألوان الفردية.
كل ما نعرفه عن الكون
يأتي من الأجسام الخفيفة التي تطلقه
تبين صور الأجسام الفلكية هيكلها،
جمالها، ولمحة حول تاريخها
ولكن مع الأطياف،
يمكننا دراسة مخططاتها.
تعلمتم اليوم أن الضوء شكل من أشكال
الطاقة. ويعلمنا طول موجته بطاقته ولونه.
يحلل التحليل الطيفي تلك الألوان
ويحدد درجة حرارة الجسم
والكثافة، والدوران،
والحركة، والتركيب الكيميائي.
يتم إنتاج حلقات Crash Course Astronomy
بالتعاون مع استديوهات PBS Digital.
زوروا قناتهم لمشاهدة المزيد من الفيديوهات
الرائعة. هذه الحلقة من كتابتي أنا، فيل بليت
وحرر النص بليك دي باستينو
وتمت باستشارة الدكتورة ميشيل ثالر
وإخراج نيكولاس جنكينز.
إشراف النص والتحرير تم بواسطة نيكول سويني
وتصميم الصوت لمايكل أراندا
والرسومات من إعداد فريق Thought Café.