القلب المقدس: تاريخه، تعاليمه، وأهميته

اللغة: ar

القلب المقدس

هل سبق لك أن تساءلت عن رمز القلب المقدس؟ في الفن المسيحي، يُصوّر القلب المقدس عادةً على هيئة قلب مشتعل، يُضيء بنور إلهي، وله جرح الرمح، وتاج الأشواك، وعلامة الصليب. أحيانًا، يظهر القلب داخل صدر المسيح، مع يديه المُجروحَتين تُشير إليه. تدل هذه الرموز على معاناة المسيح، وحبه المُشتعل. ❤️

تاريخ التقوى

التقوى المبكرة

نشأت التقوى للقلب المقدس من التقوى تجاه الإنسانية المُقدسة للمسيح. في الألفية الأولى من المسيحية، لم تكن هناك عبادة خاصة للقلب المُجروح ليسوع. لكن، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، استلهم الصليبيون العائدون من الأراضي المقدسة، وبرنارد من كليرفو، وفرانسيس من أسيزي، التقوى تجاه آلام يسوع المسيح، خاصةً جروحه. ✝️

بدأت التقوى للقلب المقدس تتطور من التقوى للجروح المقدسة، وبالتحديد جرح الجانب المُقدس ليسوع. كانت القرون الحادية عشر والثانية عشر، في بيئة الأديرة البينديكتية أو السيستينية، بدايات لتطور هذه التقوى. من الصعب تحديد النصوص أو المُتّبعين الأوائل بدقة.

يُعتقد أن برنارد من كليرفو (تُوفي عام 1153) رأى في جرح المسيح حسن قلبه ورحمته تجاه الإنسانية. يُنسب النشيد الأول للقلب المقدس، “Summi Regis Cor Aveto”، إلى الراهب هرمان جوزيف (تُوفي عام 1241) من كولونيا بألمانيا. يُبدأ النشيد بـ “أحيي قلبك الملكي العظيم”.

من القرن الثالث عشر حتى القرن السادس عشر، انتشرت التقوى بشكل ملحوظ، لكن دون تنظيمٍ محدد. مارسها أفراد ومجتمعات دينية مختلفة، مثل الفرنسيسكان، والدومينيكان، والكارثوزيين. من أبرز الشخصيات في هذا السياق بونافنتورا (تُوفي عام 1274) في كتابه “Vitis Mystica” و جون دي لا فيرنّا. كتب بونافنتورا: “من سيُحب هذا القلب المُجروح؟ من سيُحبّ من يحبّ بهذه الدرجة؟” كانت هذه التقوى ذات طابع صوفي شخصي، ولم تُشكل حركةً جماهيرية كبيرة.

كان جرح قلب يسوع هو الأبرز بين الجروح المقدسة الخمسة لدى الفرنسيسكان. 📚

يُشير كتاب بونافنتورا “Opusculum 3, Lignum vitae” (جزء منه يُقرأ في الخدمة الإلهية في عيد القلب المقدس) إلى القلب كمنبعٍ لحب الله للحياة:

فكّر الآن، يا إنسان مُخلّص، وفكّر كم هو عظيم وجدير من يتعلّق بالصليب من أجلك. موته يُحيي الأموات، لكن عند وفاته، تُغطّي السماء والأرض بالحزن، وتُشقق الصخور الصلبة. كان من المُقرّر الإلهي أن يسمح لأحد الجنود بفتح جانبه المقدس برمح. تمّ هذا حتى تُبنى الكنيسة من جانب المسيح وهو نائم نوم الموت على الصليب، حتى يتحقّق ما جاء في الكتاب المقدس: “سيُنظرون إلى من ثُقبوا”. الدم والماء، اللذان خرجا في تلك اللحظة، كانا ثمن خلاصنا. يتدفقان من أعماق قلب ربنا كما ينبع من نبع، وقدّمت هذه الينابيع لأسرار الكنيسة القدرة على منح حياة النعمة، بينما أصبحت بالنسبة لمن يعيشون بالفعل في المسيح مصدرًا لماء حيّ ينبع إلى الحياة الأبدية.