“`html
فإنْ كانتْ عقولُنا لامعةً، فإنّ هناكَ حدودًا لا تزالُ تُعيقُ إمكاناتِ أدمغتنا. وأغربُ مثالٍ على قصورِ تفكيرنا يتعلّقُ بكيفيةِ تفكيرنا. ورغم أن الدماغَ يُباهي بملياراتِ الخلايا العصبية التي تُملي كلّ حركتنا، فإنّ لدى البشرِ عمليةٌ فكريّةٌ مُقيّدةٌ بشكلٍ مُدهش، وربما يمتلكُ العلماءُ الآنَ إجاباتٍ لشرحِ لغزِ عدم الكفاءةِ البشرية.
“`
نُشِرَت دراسة جديدة مؤخرًا في مجلة نيورون، وقدّرت سرعة التفكير البشري، مُظهِرةً شذوذًا في قوة الدماغ. الدراسة [[LINK0]] هذه [[LINK0]] من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، حيث يدرس الباحثون في مختبر أستاذ العلوم البيولوجية ماركوس مايستير، الدوائر العصبية – أي مجموعات من الخلايا العصبية المترابطة التي تتواصل مع بعضها البعض، مما يُسهّل وظائف الجسم والعقل.
الحدود وراء أفكارنا
في الدراسة، قامت الطالبة الجامعية جيهيو زينغ بدراسة الأدبيات العلمية حول سلوكيات الإنسان، من القراءة والكتابة إلى حل مكعب روبيك، مُقارِنةً هذا التحليل بمعارف نظرية المعلومات – مجال رياضيّ يركّز على كيفية معالجة المعلومات وتخزينها ونقلها.
تكشف الدراسة أنَّ البشر يفكرون بسرعة متوسطة عشرة بتات في الثانية. لكنّ الجزء الغريب من هذه المعدَّل هو أن الخلايا العصبية الفردية في أدمغتنا (أكثر من 85 مليار خلية) قادرة تقنيًا على معالجة المعلومات بشكل أسرع بكثير من عشرة بتات في الثانية. ومع ذلك، اكتشف الباحثون أن الدماغ يُحدِّد سرعة معالجة الفِكر.
إن معدل معالجة الأفكار أبطأ بكثير من نظامنا الحسي للجسم، والذي يعمل بسرعة أسرع بمئة مليون مرة وفقًا للباحثين. إن الهوة بين سرعة معالجة الأفكار وسرعة معالجة الحواس في البشر تُثير العديد من الأسئلة لدى علماء الأعصاب.
في حين أن نظامنا الحسي يعالج آلاف المدخلات في وقت واحد، لا يمكننا امتلاك أكثر من فكرة واحدة متزامنة تمر عبر عقولنا في أي لحظة. ولكن لماذا هذا؟
اقرأ المزيد: كيف تُنظّم أدمغتنا المفاهيم العلمية المجردة
كيف تطورت أفكارنا البطيئة
تشير الدراسة إلى أن أدمغتنا تطورت بهذه الطريقة عبر التطور. فأن أول الحيوانات التي طورت أنظمة عصبية – على الأرجح خلال فترة إدياكاران، من 635 مليون إلى 543 مليون سنة مضت – كانت تستخدم أدمغتها للتنقل، نحو الطعام أو بعيدًا عن المفترسات. تتوافق هذه السلوكيات مع فكرة أن البشر كانوا بحاجة ببساطة إلى اتباع مسار واحد للأمام، أو التمسك بفكرة واحدة في كل مرة.
رغم أن ذلك قد يبدو مُتضادًا للمنطق، فإن البطء في سرعة أفكارنا ربما نشأ ببساطة لأنها كانت كافية لسُلَفنا للبقاء على قيد الحياة. نظرًا لأن البيئة من حولنا غالبًا ما تتغير بوتيرة هادئة إلى حدٍ ما، فقد كانت سرعة معالجة الأفكار بمعدل 10 بت في الثانية مناسبة لاتخاذ القرارات عبر القرون.
هل يستطيع البشر مُضاعفة المهام؟
لا يُعدّ البشر أسيادَ المُهمّات المتعدّدة كما نتصوّر غالبًا. كما تُبيّن إحدى دراساتِ عام 2019 أن الدماغ لا يحتوي على “لبنات بناء” عصبية للانخراط في أكثر من مهمّةٍ واحدة في نفس الوقت. بدلاً من ذلك، ينتقل الدماغ بسرعة بين مهمّتين بدلاً من متابعة كليهما بنشاطٍ في آنٍ واحد.
قبل أن ينتقل الدماغ من مهمّةٍ إلى أخرى، يمكنه إعداد نفسه وتوقّع متى سيحدث الانتقال. كما يمكن أن تتفاوت عمليات التبديل بين المهامّ تبعًا لشدة المهامّ. فشيءٌ يُتطلّب تركيزًا كبيرًا، على سبيل المثال، سيُقلّل من استعداد الشخص للتبديل بين المهامّ.
يتطلب تبديل المهام تكلفةً مُرتبطة تُبطئنا وتُضيف المزيد من الوقت لإكمال المهمة. وقد أظهرت العديد من التجارب أن الأشخاص يتباطؤون عندما يتعين عليهم التبديل بين مهام متعددة. لذا، عندما نُنجز عدة مهام في وقت واحد، قد يبدو الأمر استراتيجيةً مُذهلة، لكنه عادةً ما يُؤثر سلبًا على أدائنا.
اقرأ المزيد: ماذا يحدث في دماغك عندما تتذكر الذكريات؟
مشكلة الدماغ والحاسوب
تشكك أبحاث زينج ومايستير في المفاهيم التكنولوجية الطموحة التي اقترحت رابطًا بين الدماغ والحواسيب. يبدو، وفقًا للدراسة الجديدة، أن واجهات الدماغ-الحاسوب القابلة للزرع لن تسرع بالضرورة من معدل اتصال الدماغ، بالنظر إلى المعدل المحدود لمعالجة الأفكار لدى البشر.
ومع ذلك، يسعى الباحثون، في المستقبل، إلى دراسةٍ أعمقٍ لآليات الدماغ لفهم سبب عدم قدرته على معالجة أكثر من فكرةٍ في وقتٍ واحدٍ.
المقال المصادر
يكتبُ كاتبونا في Discovermagazine.com باستخدام دراساتٍ مُراجعةٍ من قبل النظراء ومصادِرٍ عالية الجودةٍ في مقالاتنا، ويُراجعُ محرّروننا الدقة العلمية والمعايير التحريرية. راجعوا المصادر المستخدمة أدناه لهذا المقال:
جاك كنودسن هو محرر مساعد في مجلة Discover، وله اهتمام قوي بعلم البيئة والتاريخ. قبل انضمامه إلى مجلة Discover في عام 2023، درس الصحافة في كلية سكريبس للاتصال في جامعة أوهايو، وكان قد سبق له التدريب في مجلة Recycling Today.
المصدر: المصدر