.مرحبًا يا رفاق، أنا فيل بليت
تحدثت سابقًا عن مصير الشمس النهائي
.ومصير النجوم منخفضة الكتلة مثل الشمس
إذ أنّها تفقد طبقاتها الخارجية
بعد سلسلة من التوسع والتقلّص
لتصبح نجومًا قزمة بيضاء
.وتتلاشى على مر مليارات السنين، النهاية
.باستثناء أنّها ليست النهاية بالفعل
أولًا، النجوم القزمة البيضاء
.أجسام شديدة الروعة وتستحق الاستكشاف
وثانيًا، عندما يصبح النجم قزمًا أبيضًا
.يُنتج ببساطة إحدى أروع الأجسام في الفضاء
باختصار، عندما تشيخ الشمس
.تمر نواتها بسلسلة تغيرات
فهي الآن تدمج ذرات الهيدروجين
وتصنع منها هيليوم
وستدمج في النهاية الهيليوم إلى كربون
.وستصنع الأكسجين والنيون كذلك
ولكن عندما ينفد منها الهيليوم
.تقع في ورطة
إذ أنّ كتلتها لا تعود كافية
.للضغط على نواة ذرات الكربون لدمجها
،الاندماج النووي هو مصدر طاقة الشمس
وعندما تصبح نواتها من الكربون
.تتوقف تلك الطاقة
بعد 8 مليار سنة من الآن
،ستزول طبقات الشمس الخارجية
.بفعل الفوضى التي تحدث في النواة
فلا يبقى من نجمنا إلّا نواته
.المكشوفة في عتمة الفضاء
ستبرد النواة خلال مليارات السنين التالية
.وتتحول إلى جسم معتم
قد يبدو ذلك نهاية القصة
.ولكنني تجاهلت خطوة جميلة
عندما يتوقف اندماج الهيليوم
:تصبح كتلة نواة الشمس نصف كتلتها الحالية
.فبقيتها طُردت إلى الفضاء الذي حولها
ويتألف ما يبقي منها من الإلكترونات
ونوى كربونية
.مختلطة بكميات قليلة من العناصر لأخرى
إذن، ما نوع الجسم المتبقي؟
:ربما تعلمون أنّ الشحنات المتشابهة تتنافر
.أي أنّ للإلكترونات شحنات سالبة متنافرة
وكلّما ازداد دفعها نحو بعضها
.يزداد ذلك الضغط
كما أنّ هناك قوى ثانية
.تُدعى ضغط انتكاس الإلكترون
،وتنتج بفعل قوانين غريبة لميكانيكا الكم
أو ما يعرفه علماء ميكانيكا الكم
.بقاعدة باولي للاستثناء
وتصف القاعدة سلوك الجسيمات دون – الذرية
.ضمن مقاييس صغيرة
إحدى هذه القواعد
،هي أنّ الإلكترونات تكره أن تُضغط معًا
.كرهًا يفوق تنافر الإلكترونات البسيط
،هذه المقاومة شديدة القوة
وتصبح المقاومة القوة المسيطرة
التي تساند نواة النجم
.عندما يتوقف اندماج الهيليوم
عندما يعيد ضغط انتكاس الإلكترون التوازن
،لجاذبية النواة الهائلة
تصبح النواة بحجم كوكب الأرض تقريبًا
،أي 1% من قطر الشمس الأصلي
.ويُسمّى النجم عندها بالقزم الأبيض
.ذكر صفات هذا النجم كافٍ لإبهار العقول
والمفارقة هي أنّ كل صفاته تتضخم
.بينما يتقلص حجمه
فيُصبح شديد الكثافة: أي أنّ 1 سم مكعب منه
يكون بحجم حجر نرد سداسي الأسطح
.وكتلته مليون غرام، أي 1 طن
فوزن ملعقة واحدة من مادة نجم قزمٍ أبيض
.يفوق وزن 60 سيارة
ولأنّه كثيف جدًا، فإن الجاذبية
على سطح القزم الأبيض تكون شديدة
.وقد تتعدى مئة ألف ضعف الجاذبية الأرضية
إن كانت كتلتك 75 كيلوغرام
فسيكون وزنك عندها 500 7 طن
.إن وقفت على سطح قزم أبيض
ولا أعني أنّك تستطيع الوقوف عليه
.إذ أنّك ستُسحق إلى كتلة دهنية
ولكن، ليس لوقت طويل
لأنّ الأقزام البيضاء الوليدة ساخنة
ويمكنها أن تُشِع في درجات حرارة
.تصل إلى مئة ألف درجة مئوية
إن وقفتم على سطحها
.لأصبحتم كتلة متبخرة ومتأيّنة
ومصدر اسم الأقزام البيضاء هو صِغَر حجمها
.ولونها الأبيض الناتج عن ارتفاع حرارتها
إنّها ساخنة جدًا
.لدرجة أنّها تُشع أشعة فوق بنفسجية وسينية
.والغريب أنّ صغر حجمها يجعلها باهتة
،فأقربها إلينا، واسمه سيرياس بي
لا يُمكن رؤيته إلّا بالمقراب
،رغم أنّه يبعد عنا 9 سنوات ضوئية
.وهو من أقرب عشرة نجوم معروفة إلينا
تم العثور على أكثر من عشرة آلاف
.نجم قزم أبيض في مجرتنا إلى الآن
ورغم ذلك، فإنّ أي غاز
قريب من نجم قزم أبيض جديد
يتأثر بالإشعاعات الشديدة
.المنبعثة من النجم
انتظروا لحظة! عندما يمر نجم كالشمس
بمراحل الموت النهائية
.يطرح طبقاته الخارجية مثل ريح غازية
هل تفترضون…؟
أجل. عندما يتشكل ذلك القزم الأبيض
،لا يبتعد عنه الغاز المطروح كثيرًا
فهو يبتعد مسافة سنة
.أو 2 سنة ضوئية على الأكثر
تلك مسافة قريبة
،وكافية للتأثر بإشعاعات القزم الأبيض
.والتي تجعل تلك الغازات تُشع
وكيف يبدو ذلك؟
.يبدو هكذا
.نسمي هذا الجسم السديم الكوكبي
،إنّه اسم مضحك، وكغيره من الأسماء
.بقي مستعملًا منذ اكتشافها أول مرة
وأطلق عليها هذا الاسم
عالم الفلك ويليام هيرشيل
الذي اكتشف
.الضوء فوق البنفسجي وكوكب أورانوس
لأنّها بدت له عبر المقراب
.مثل أقراص خضراء صغيرة
اكتشف أول سديم كوكبي عام 1764
عالم الفلك الفرنسي تشارلز ميزيه
الذي قضى سنينًا
.يُراقب السماء بحثًا عن المذنبات
واصل رؤية أجسام باهتة ومشوشة
،فظنها مذنبات
وقرر أن يضع لها قائمة
.”أو قائمة “تفادوا هذه الأجسام
أصبحت تلك القائمة الآن
،مرجعًا للفلكيين الهواة
.لأنّها تتضمن أفضل الأجسام وأكثرها سطوعًا
ومن بينها إم 27
،الجسم الثاني والسبعون في قائمة ميزيه
:وهو من أكبر السدم الكوكبية وأحبّها إلي
أحبّ أن أراه عبر مقرابي
.عندما يظهر في فصل الصيف
قد تكون مراقبة السدم الكوكبية
.صعبة قليلًا: فمعظمها صغيرة وباهتة
،وعند تصويرها
حتى إن أطلنا مدة تأثير الضوء
.لا تبدو أكثر من مجرد أقراص
:ولزمن طويل، لم نعتقد أنّها معقدة
عندما يصبح النجم عملاقًا أحمر
،ويطرح طبقاته الخارجية يبطُوء دورانه
ما يجعل الريح الغازية
.تخرج حول النجم بشكل كروي
،معظم السُدم، كما نختصرها
،كروية الشكل وتبدو مثل فقاعات صابون
ذلك ما نتوقعه
.عند النظر إلى قشرة غازية متوسعة
ولكنّ بنيتها أصبحت أكثر وضوحًا
،بفضل المجسات الرقمية
التي أظهرت الجمال الحقيقي
.لهذه الأجسام المُبهرة
،فبعضها طولي وبعضها لولبي
،ولبعضها غازات مندفعة من جانبيها
.ولبعضها خيوط رقيقة تنساب بعيدًا عنها
مجموعة قليلة فقط
!من المئات المعروفة منها كروية الشكل
واضح أنّ للسُدم الكوكبية ميزات
.تفوق ما يُرى بالعين
إن كانت غازات النجموم تندفع بشكل كروي
فكيف تتكون للسُدم كل هذه الأشكال؟
لقد تبين لنا أنّ الوضع الحقيقي
.أكثر تعقيدًا، كالعادة
عندما يكون النجم عملاقًا أحمرًا يدور ببطء
.ويبعث ريحًا شمسية كثيفة وبطيئة
إن لم يحدث أمر آخر للنجم
تندفع الريح للخارج في كل الاتجاهات
،أي بشكل كرة. من ناحية ثانية
بينما تنقشع طبقات النجم الخارجية تلك
تكشف جزء النجم الأكثر عمقًا وحرارة
فيبدأ النجم بنفث ريح غازية
.أكثر سرعة وأقل كثافة
وتلحق تلك الريح بسابقتها
.الأكثر كثافة وأقل سرعة
،عندما يحدث ذلك
.نحصل على سديم كوكبي فقاعي الشكل
:ولكنّ بعض النجوم زوجية
.أي أنّهما نجمان يدوران قرب بعضهما
.لكنّنا سنتعمق بتفاصيلها في حلقة لاحقة
إن كان للنجم المُحتضِر رفيق
.فقد يدور كلاهما حول بعضهما بسرعة
وسيُحدد دورانهما شكل الريح
لأنّ تأثير قوة الانصهار النووي للنجمين
يدفع جزءًا أكبر من الغازات
.إلى مجال النجمين
فيصبح شكل الغاز المنبعث منبسطًا
.مثل كرة شاطئ جلس عليها شخص
وعندما تندفع الريح السريعة
.تصطدم بالمواد في المستوى المداري وتبطؤ
ولكنّ المواد حول مجال القطبين أقل
مما يجعل توسع الريح في اتجاههما
،أكثر سهولة
فتشكل الريح فلقتين ضخمتين من المواد
.تمتدان ترليونات الكيلومترات
.ذلك شكل اعتيادي جدًا للسُدم الكوكبية
ولكنّ تبرير سبب تكوّن
الكثير من الأشكال التي نراها
يعني وجوب دوران النجمين
.بمسافة قريبة جدًا من بعضهما
ليست معظم النجوم الزوجية
،قريبة لتلك الدرجة
فما الذي يُحدث هذه الأشكال؟
عندما كنت أقدم دراساتي العليا
قام مشرف درجة الماجستير، نوم سوكر
:بابتكار فكرة جنونية
ربما كانت هناك كواكب للنجوم
.كما في نظامنا الشمسي
إن توسع النجم إلى عملاق أحمر
وابتلع الكواكب
فسيتطلب تبخر الكواكب
.ملايين السنين أو أكثر
وستواصل الكواكب دورانها داخل النجم
.طوال تلك المدة وبسرعة أكبر من النجم
وكمبدأ عمل الخفاقة في خلط البيض
ستدور الكواكب داخل النجم بسرعة
فتجعل النجم يدور بسرعة أكبر
.بما يكفي لتبرير أشكال السدم الكوكبية
.كان ذلك في مطلع التسعينيات
ثمّ تم العثور بعد سنوات قليلة
على أول كواكب غير شمسية
ورأينا أنّ الكواكب الضخمة
.التي تدور قرب النجوم شائعة
أعتقد أنّ ذلك سبب رؤيتنا
.لأشكال السُدم الكوكبية الغريبة والرائعة
.إذ أنّ نجومها السابقة ابتلعت كواكبها
ولذلك فقد يعود الفضل إلى الكواكب
.في نشأة السدم الكوكبية
.وهكذا نُتم الدائرة
يعود سبب لمعان السدم الكوكبية
.إلى تحفيز مركز القزم الأبيض للغازات
تتألف معظم غازاته من الهيدروجين
.والذي يتوهج بلون أحمر
.ولكنّ الكثير من غازات النجم من الأكسجين
ليست النسبة بين الأكسجين
والهيدروجين متقاربة
ولكنّنا عندما نقارن بينها
نجد لمعان الأكسجين أكبر من الهيدروجين
.بفعل الفيزياء النووية المرتبطة بهما
يُشع هذا الأكسجين لونًا أخضرًا
.مانحًا السدم الكوكبية درجة لونها المميزة
:والمضحك هنا
،عند تحليل الوهج الأخضر بالتحليل الطيفي
لم يتمكن علماء الفلك
،من تحديد العنصر المسؤول عن صنعه
.فأطلقوا عليه اسم نبيوليام
ولكنهم اكتشفوا في النهاية
.أنّه مجرد أكسجين ضعيف جدًا
.كما نجد في السُدم ألوانًا أخرى
،فالنيتروجين والكبريت يشعان لونًا أحمرًا
.كما يشع الأكسجين لونًا أزرقًا أيضًا
وتضفي هذه الألوان المزيد من الجمال
.إلى هذه الحِلي السماوية
،ولكنّ هذه ليست مجرد صور جميلة
فبنية ولون وشكل السديم الكوكبي
.تروي لنا قصة حياة النجم الذي صنعه
فنحن نتعلم المزيد عن تطور النجوم
.بدراسة طور موتها
ناهيكم أنّ غازات السدم الكوكبية
،ما تزال تتمدد
فهي تواصل مسارها الذي أحدثه
.الزخم الأولي لانبعاثها من النجم
فيمتد الغاز كثيرًا ويتبدد
.ليتوقف عن التوهج في النهاية
،يتطلب ذلك عدة آلاف من السنين
فعندما ترون سديمًا كوكبيًا
فأنتم ترون لقطة قصيرة جدًا
.من حياة النجم وموته
:ولذلك السبب لا نرى الكثير منها
رغم وجود مليارات النجوم في المجرة
،التي تموت بهذه الطريقة
.إلّا أنّ هذه المرحلة قصيرة جدًا
.استمتعوا بالنظر إليها بينما تستطيعون
وماذا بشأن الشمس؟
هل ستصبح في المستقبل البعيد
في مركز سديم كوكبي وتتلاشى بينما تموت؟
.ليس على الأرجح
فعندما تصبح الشمس قزمًا أبيض
لن تكون لديها طاقة كافية
:لجعل الغازات المحيطة تشع
تبدأ معظم السدم الكوكبية كنجوم
.أكبر حجمًا وحرارة من الشمس
وعندما تموت شمسنا
.ستموت بهدوء ومن دون اضطراب مرئي
،وقد لا يلاحظها علماء الفلك الغرباء
.إن كان لهم وجود بعد 8 مليار سنة
ولكنّ النجوم الأضخم
.تصنع الكثير من الاضطراب
وإن كانت ضخمة جدًا
أي بكتلة أكبر من 8 أضعاف حجم الشمس
فهي تصنع جلبة كبيرة عندما تموت
.لأنها تنفجر
.ولكنّ ذلك الموضوع لحلقة الأسبوع القادم
تعلمتم اليوم أنّ النجوم ذات الكتلة
.المنخفضة عندما تموت تصنع أقزامًا بيضاء
إنها شديدة الحراة والكثافة
.بحجم كوكب الأرض تقريبًا
:كما قد تشكل كذلك سدمًا كوكبية
وهي أجسام ضخمة وشديدة التفصيل
يصنعها إشعال القزم الأبيض لغازات الرياح
.الغازية المنبعثة من النجم المحتضر
.ولا تدوم إلّا آلافًا من السنين فقط
على الأرجح أنّ الشمس لن تصنع سديمًا
.ولكنّ النجوم ذات الكتل الأعلى تفعل
هذا البرنامج من إنتاج مشترك
.PBS Digital مع استوديوهات
.زوروا قناتهم وشاهدوا أفلامهم الرائعة
هذه الحلقة من كتابتي، فيل بليت
وصحح النص بليك دي باستينو
.ومستشارتنا هي د. ميشيل ثالر
الحلقة من إخراج نيكولاس جنكينز
ومونتاج نيكول سويني
وتصميم الصوت من إعداد مايكل أراندا
.Thought Café والرسومان من إعداد فريق