الفساد الأخلاقي 🤔
بعد أيّ ثورة، يأتي وقتٌ لإعادة التّقييم. عندما تتحرّك البندول في اتّجاهٍ معيّن، عليك الانتظار حتى تتحرّك بقوةٍ في الاتّجاه المُضاد. هل نحتاج للدّين؟ أم أنّنا نحتاج لإعادة التعليم؟
في بداية الألفية الجديدة، كان العلمانيون يرون أنّ الدين لا يُقدم أيّ خيرٍ للعالم، وأنّه يجب التخلّي عنه. أصبح الدين المنظّم في انحدارٍ واضح. ولكن الآن، بدأت الثورة المُضادة تتشكّل. يُجادل “اللاهوتيون الجدد” بأن الدين كان المحفّز الأكبر للتقدّم، وأنّه من الضروريّ العودة إليه. لكنّ أ.س. غرايلينج، نائب رئيس رابطة الإلحاد في المملكة المتحدة، يرى أنّنا لا نحتاج لإعادة الدّين، بل نحتاج لإعادة التعليم.
أجريتُ مؤخّرًا حديثًا مع غرايلينج، ووجدتُ أنّ هذه الحركة (اللاهوتيين الجدد) مبنيّة على افتراضين: أنّ المجتمع يعاني من فسادٍ أخلاقي، وأنّ عدم وجود الدّين هو سبب هذا الفساد. لكن غرايلينج رأى هذين الافتراضين هراءً.
يُجادل المؤرخ نايل فيرغسون بأنّ الدين ضروريّ للخُلق، ولِكي تكون المجتمعات خيرة. لكن غرايلينج يرى أنّ أولئك الذين يدّعون أنّ المجتمع أفضل مع الدين لديهم أجندة شخصية، فهم يَسْعَون للحفاظ على سلطتهم. إنّ التغييرات الهيكلية، خاصةً تلك التي تحدّي ديناميكيات القوة، ستُواجه مقاومةً من قبل أولئك المُستفيدين منها.
لا علاقة تبعية ولا سببية 🧐
يُضيف غرايلينج أنّ حتى لو افترضنا وجود هذا “الانهيار الأخلاقي”، ليس ثمة سبب قويّ للافتراض أنّ الإلحاد هو سببه. فقد كانت هناك حضارات عظيمة في الماضي، مثل الحضارات اليونانية والرومانية والهندية، كانت فيها غالبًا إِلْحادية أو أقل تديّنًا. فالمُثُل الدينية الحديثة ليست مُستفادة من تاريخنا البشري بأكمله.
التعليم أكثر، وليس الدين 📚
فلمَ إذًا هذه الرؤية المُتعلّقة بالانحدار الاجتماعي؟ بالطبع، جزءٌ منها هو ما يُشير إليه غرايلينج، وهو المحافظة البسيطة. ولكنّ مجرد كون شيءٍ قديمًا أو تقليديًا لا يجعله جيدًا.
يُجادل غرايلينج بأنّ النقص الحقيقيّ هو في فرص التعليم الجيّد والمُمتع. فالمكان الثالث الذي نلتقي فيه مع الأصدقاء، والذي كانت الكنيسة أو المعبد تمثّله في الماضي، قد اختفى أو أصبح أقلّ أهمية. لقد فقدنا تلك الأماكن التي تُسهّل النقاش والتعلّم.
بدلًا من ذلك، يجب علينا أن نُعيد تشكيل “المدرسة” كمساحةٍ للتعلّم والنقاش، وأن نُحاول أن نعيد النظر في طريقة تعليمنا لتكون أكثر فعالية وإثارة.
يُمثل التعليم، ليس الدين، جوهر ازدهار البشر.
المصدر: Big Think