تاريخ المسيحية في مالطا
العصور المبكرة والوسطى
تشهد آثار سرداب الموتى في الرابات على وجود مجتمع مسيحي مبكر في مالطا. يُذكر في سفر أعمال الرسل أن الرسول بولس غرق قبالة سواحل مالطا في طريقه من قيصرية إلى روما، وقضى ثلاثة أشهر في الجزيرة. وبحسب التقاليد المسيحية، أصبح بوبليوس، الحاكم الروماني آنذاك، أول مطران لمالطا بعد تحوله إلى المسيحية. يُروى أن أسقفيته استمرت ثلاثين عامًا قبل استشهاده في أثينا. تُعدّ المعلومات المتوفرة عن استمرارية المسيحية في مالطا خلال تلك الفترة محدودة، لكن التقاليد تُشير إلى وجود سلسلة متواصلة من الأساقفة من بوبليوس وحتى عهد الإمبراطور قسطنطين الأول.
خلال الحكم الإسلامي، تمتع المسيحيون بحرية الدين، مع قيود معينة على وظائفهم، ولباسهم، وشاركتهم في الشؤون العامة. استولى روجر الأول، كونت صقلية، على الجزيرة، وحظي باستقبال حافل من قبل المسيحيين الأصليين. يُشير المؤرخ المالطي جيوفاني فرانشيسكو أبيلا إلى استمرار المسيحية في مالطا رغم الغزو الفاطمي. يصف أبيلا مالطا بأنها حصن حضاري مسيحي أوروبي ضدّ انتشار الإسلام في منطقة البحر المتوسط. في عام 1479، كانت مالطا وصقلية تحت حكم مملكة أرغون، وأجبر مرسوم الحمراء عام 1492 اليهود على التنصر أو مغادرة البلاد، مما أدّى إلى تحوّل العديد من اليهود المالطيين إلى المسيحية. لعدة قرون، كانت كنيسة مالطا تابعة لأبرشية باليرمو، إلا أنَّ الملك شارل الأول ملك نابولي عيّن أساقفة لمالطا.
حكم الفرسان والفرنسي
تُعدّ فرسان مالطا استمرارية لفرسان الإسبتارية، الذين نشأوا خلال العصور الوسطى. تعود جذورهم إلى مستشفى فراتيرنيتاس هوسبيتالاريا. وفرّوا الرعاية الطبية للحجاج إلى الأراضي المقدسة. بعد سقوط مملكة بيت المقدس، تولّت فرسان الإسبتارية دور حماية المسيحيين من الاضطهاد. حكمت فرسان الإسبتارية قبرص، ورودس، ومالطا. خلّفت فرسان مالطا بصماتٍ معماريّة واجتماعيّة وسياسيّة واضحة في الجزيرة. تحوّل مقرّهم الرئيسي لاحقًا إلى قصر مالطا في الفاتيكان.
مع مرور الزمن، تراجعت قوة فرسان الإسبتارية، وأصبح النظام غير شعبي. في الوقت الذي تجسدت فيه القيم العالمية للحرية من خلال الثورة الفرنسية، زار نابليون بونابرت مالطا في طريقه إلى مصر عام 1798. استسلم قائد فرسان مالطا للجيش الفرنسي.
العصور الحديثة
بعد احتلال الفرنسيين لمالطا، قام الشعب المالطي بالتمرد، مما أدى إلى تراجع الحامية الفرنسية. طلب السكان المحليين المساعدة من البريطانيين، وحاصر اللورد نيلسون ميناء فاليتا، واستسلمت الحامية الفرنسية. أصبحت مالطا جزءًا من الإمبراطورية البريطانية عام 1814. استمر الحكم البريطاني 150 عامًا، حتى نالت مالطا استقلالها عام 1964.
مع استقلال مالطا في عام 1964، نصّ الدستور على أنَّ الكنيسة الكاثوليكية هي دين الدولة الرسمي. يُلزم الدستور توفير التعليم الديني الكاثوليكي في جميع مدارس الدولة.
المصدر: ويكيبديا العربية