المترجم: Mahmoud Aghiorly
المدقّق: Ayd Asraf
ما هو مركز الكون ؟
أنها مسألة أساسية
يتساءل حولها البشر منذ عدة قرون.
و لكن رحلة البحث عن إجابة
بدأت بصورة غريبة
إذا كنت تريد أن تعرف الإجابة على هذا السؤال عليك أن تعود
إلى القرن الثالث قبل الميلاد في اليونان،
إذ كانت الأجوبة تعتمد حينها على النظر نحو سماء الليل
و الثقة بما ترى.
وهذا ما فعله أرسطو،
ذلك الرجل حينها فعل ذلك
وأعرب عن اعتقاده الذي نص أنه و على أعتبار أننا على سطح الأرض و يمكننا النظر إلى الأعلى
يجب أن نكون في المركز، أليس كذلك ؟
بالنسبة له، نطاق العالم
كان يتألف من أربعة عناصر:
الأرض،
المياه،
الهواء،
والنار.
و تتحول هذه العناصر و تتداخل فيما بينها مشكلة مجموعة
من الأغلفة ” المجالات” البلورية الصلبة
كما أن كل نجمة و كوكب يهيم في السماء
كان له غلاف “مجال” بلوري خاص به
بقية الكون وجميع النجوم
تقع في الغلاف “المجال” البلوري الأخير.
إذا كنت مِن مَن يراقب السماء بصورة مستمرة
ستلاحظ أن تلك الفكرة توضح و تبرر بصورة ملائمة
حركة الأجسام التي تراها في السماء
لعدة قرون كانت تلك الفكرة سائدة في أوروبا
والعالم الإسلامي حيال الكون
و لكن في عام 1543، رجل اسمه كوبرنيكوس
اقترح نموذجا مختلفاً.
وأعرب عن اعتقاده أن الشمس
هي مركز الكون.
هذه الفكرة الجديدة غيرت جذرياً المعتقدات السابقة
و كان عصياً على الكثير من الناس تقبلها
لانه في نهاية المطاف كانت أفكار أرسطو تعد منطقية للكثير
لانها ترى بالعين المجرد
وكانت العين المجرد حينها أساس المراقبة والمتابعة العلمية
لكن سلسلة من الاكتشافات اللاحقة
جعلت من فكرة نموذج مركزية الشمس صعبة التجاهل.
بداية أشار يوهانس كيبلر
أن المدارات ليست دوائر أو منحنيات مثالية
و من ثم إكتشف غاليليو عبر التلسكوب
أن لكوكب المشتري أقماراً تدور حوله
وتتجاهل تماما كوكب الأرض.
وبعد ذلك، اقترح نيوتن نظرية الجاذبية العالمية،
و التي نصت على وجود تجاذب مشترك بين جميع العناصر
وعليه في نهاية المطاف اضطررنا إلى التخلي عن فكرة
أن كوكبنا هو مركز الكون.
بعد وقت قصير من كوبرنيكوس، في 1580،
جاء راهب إيطالي، جيوردانو برونو،
وأشار لكون النجوم شموساً مستقلة
لها كواكبها الخاصة بها
و أن الكون متناهي الحجم
لم يتقبل المجتمع البشري الفكرة
و أُحرق برونو بسبب أشارته الغريبة تلك
بعد قرون تلت ذلك، الفيلسوف رينيه ديكارت
أشار إلى أن الكون عبارة عن سلسلة من الدوامات،
والتي أسماها المخاريط الدورانية
وقال بأن كل نجمة تقع في وسط مخروط
و في ذات الوقت أدركت البشرية وجود كم هائل من النجوم
أكثر بكثير مما حلم به أرسطو.
و كعلماء الفلك مثل ويليام هيرشل
الذين تمكنوا من إستخدام تلسكوبات أكثر تقدما،
أصبح من الواضح لدينا أن الشمس في الواقع
ليست سوى واحدة من النجوم العديدة في درب التبانة.
وهذه التكتلات المضيئة التي نراها في السماء ليلا
هي في الواقع مجرات أخرى
و هي شاسعة الحجم كما هي درب التبانة
ربما نحن بعيدون كل البعد عن مركز الكون أكثر بكثير مما نتخيل
في العشرينات من القرن الماضي، علماء الفلك الذين يدرسون في نيبولي
أرادوا معرفة كيفية تحرك المجرات
استناداً إلى تأثير دوبلر،
فتوقعوا أن نرى تحولاً أزرق
للأجسام التي تتحرك باتجاه الأرض
وتحولاً أحمر لتلك التي تتحرك بعيداً عنها .
ولكن كل ما رأوه كان التحول الأحمر.
فقد كان كل شيء يتحرك بعيداً عنا و بسرعة كبيرة
وهذا الاكتشاف هو أحد الادلة التي تصب في مصلحة
ما ندعوه اليوم نظرية الانفجار الكبير.
ووفقا لهذه النظرية،
كل الكتل في الكون
كانت في الاساس عنصراً واحداً ذا كثافة لا متناهية
ضمن هذا السياق فإن الكون الذي نعيش فيه الآن
كان ذات مرة قبل الانفجار في المركز.
ولكن هذه النظرية تلغي أساساً فكرة وجود مرك للكون
إذ لا يمكن أن يكون هناك مركزا لكون لا نهائي !
فالانفجار الكبير لم يكن مجرد انفجار حدث في الفضاء؛
بل هو أنفجار في الرقعة و المساحة و الحجم
إن كل اكتشاف جديد يؤكد لنا
أنه فيكل مرة تكون فيها قدرتنا على الملاحظة محدودة،
تكون قدرتنا على التكهن والحلم
لما هو غائب عنا بعيدة كل البعد عن ذلك.
ما نعرفه اليوم و موقنون منه يمكن أن يتغير غداً
و كما أشرنا حيال المفكرين العظام قبل قليل
يمكننا أن ندرك أنه في بعض الأحيان أكثر تخيلاتنا و توقعاتنا تطرفاً
يمكن أن تؤدي بنا إلى إجابات رائعة و مقنعة لاحقاً
وستدفعنا تلك التوقعات و الاجابات على الدوام نحو المزيد من الأسئلة المحيرة.