أدلة جديدة تكشف أن التطور نفسه قد يكون في طور التطور.

صورة توضيحية للتطور

هل التطور نفسه يتطور؟ 🤔 تشير محاكاة حاسوبية مثيرة إلى إمكانية تطور التطور نفسه، وذلك اعتمادًا على الضغوط البيئية. وهذا يعني أن ليس فقط الكائنات الحية تتغير عبر الأجيال، بل إن العمليات التي تغيرها تتغير أيضًا!

هذا الاكتشاف مهم جدًا، لكن دراسته صعبة جدًا نظرًا للأزمنة الطويلة التي يتضمنها التطور. لذا، لجأ علماء الأحياء التطورية في جامعة ميشيغان، بهكار كوموات وزملاؤه، إلى برامج ذات تكرار ذاتي، لتعرض لطفرات عشوائية، وتتنافس في بيئة رقمية تُجسّد مكافآت وتحديات بيئية مختلفة.

في تجاربهم، تم تزويد مجموعات السكان بـ عنصرين، واحد مُكافئ والآخر سام. ولكن، في بعض السيناريوهات، تغيرت خصائص هذه العناصر بسرعة أو ببطء، ما اضطر السكان للتكيف مع بيئات جديدة.

نتائج هذه التجارب كشفت عن آليتين هامتين من “قابلية التطور” التي تُغير مسار التطور بمرور الوقت:

  • تغير معدل الطفرات: لا يعني ارتفاع معدل الطفرات دائمًا تحسينًا في قابلية التطور في بيئة محددة، لكن له تأثير تكيفي واسع النطاق عندما تُعرَض على العديد من التحديات البيئية. في بيئات مستقرة، يتم تقليل معدل الطفرات لأن الطفرات العشوائية تحمل مخاطر سلبية. لكن، عند تغير البيئة بسرعة، ترتفع معدلات الطفرات لتسهيل التكيف السريع!
  • ضبط معالم الطفرات: تعمل آلية ثانية على ضبط معالم الطفرات، مما يسمح للحياة بالتحول ذهاباً وإياباً بين البيئات المختلفة (مثل القاحلة والرطبة) على مدى الأجيال. أدى هذا التذبذب بين البيئات المختلفة إلى زيادة ملحوظة في معدلات الطفرات بمقدار ألف مرة، مما سمح للكائنات بسهولة تغيير السمات المتعارضة اللازمة للتكيف مع كل بيئة.

لاحظ الباحثون أن هذه الزيادة في قابلية التطور حدثت فقط عندما كانت هناك فترات طويلة بما فيه الكفاية بين كل تحول بيئي – يُعتبر المثالي 30 جيلًا. وبشكل مثير للاهتمام، بمجرد حدوث الزيادة في قابلية التطور، بدا أنها تثبت حتى بعد المزيد من الطفرات. هذا الاكتشاف يُشير إلى وسيلة محتملة تراكم الكائنات الحية على المزيد من التعقيد بمرور الزمن التطوري.

على الرغم من أن المحاكاة الحاسوبية تُجسّد بشكل أفضل الكائنات وحيدة الخلية، اللاجنسيّة، إلا أن الباحثين يعتقدون أن هذه المبادئ ستلعب دورًا على الأرجح في فهم التطور طويل المدى للكائنات المعقدة.

رسوم بيانية توضح تغير معدلات الطفرات في سيناريوهات مختلفة

رسوم بيانية توضح تغير معدلات الطفرات في سيناريوهات مختلفة
تغيرات في مناظر الطفرات تُغيّر قابلية الكائن الحي للتطور. (كُماوات وآخرون، *PNAS*، 2025)

هل التطور نفسه يتطور؟ لا يزال هذا السؤال مثيرًا للجدل، لكن الأبحاث الجديدة تُظهر أن قابلية التطور تُعد أداة حيوية للتكيف مع البيئات المتغيرة. لعلَّ هذا الكشف سيُحدث ثورة في فهمنا للتطور وتنوع الحياة على كوكبنا.