الشمس هي نجم.
ذلك بيان عميق، وليس بديهيًا كما قد نتخيل.
إن تلك النجوم اللامعة في سماء الليل جميلة،
لكنها لا تشبه الشمس الحارة
التي تضيء أيامنا. كانت قفزة فكرية كبيرة
أن نفهم أن الشمس والنجوم هي أشكال
مختلفة لنوع واحد من الأجرام السماوية.
والفرق الوحيد هو أن الشمس قريبة
لكن النجوم بعيدة جدًا، لذلك هي خافتة.
لنوضح اعتقادًا خاطئاً أولاً. يقول الكثير
من الناس إن الشمس نجم متوسط الحجم وعادي،
لكن هذا ليس عدلاً. بالتأكيد،
إن حجمها قريب من الأحجام المتوسطة للنجوم،
لكن غالبية النجوم هي أقزام حمراء خافتة،
أصغر بكثير من الشمس.
من ناحية الحجم والعدد، تقع الشمس في أعلى عشرة
بالمئة من النجوم في المجرة! في نظامنا الشمسي،
من الواضح أنها الجسم المهيمن،
فهي أكثر سطوعًا وأكبر حجمًا وتأثيرًا من غيرها.
لكن ما هي؟
الشمس هي كرة ساخنة يتكون معظمها من غاز
الهيدروجين. وقطرها يساوي 1،4 مليون كيلومتر.
أكبر بمئة مرة من قطر الأرض.
وكبيرة بما فيه الكفاية
ليتسع مليون كوكب أرض في داخلها.
وإنها ضخمة، 300 ألف مرة أكبر من الأرض،
أي ما يعادل أوكتيليونَي طن من الغاز.
ولكن إن أردنا أن نفهم الشمس حقًا،
علينا أن ننظر إلى نواتها.
في نواة الشمس تكون الظروف جهنمية.
يزيد الضغط بمقدار 260 مليار مرة
عن الضغط الجوي للأرض،
ودرجة حرارتها 15 مليون درجة مئوية.
في هذه الظروف، يتأين الهيدروجين بالكامل،
ما يعني أن الإلكترونات في الذرات
تتجرد من بروتوناتها. هذا يجعل مركزها كحساء
سميك من الجسيمات دون الذرية فائقة السخونة.
في الواقع، تُحشر البروتونات معًا بقوة شديدة
من قبل أوكتيليونات الأطنان من الكتلة
الواقعة فوقها، ليحدث شيء رائع،
إنها تندمج مع بعضها.
من خلال سلسلة معقدة من الخطوات، تندمج ذرات
الهيدروجين مع بعضها لتشكل عنصرًا أثقل
وهو الهيليوم. أثناء ذلك، تُطلق بعض
الطاقة النووية المخزنة في تلك الذرات.
توصف هذه الكمية من الطاقة بمعادلة آينشتاين
الشهيرة، الطاقة = الكتلة في مربع سرعة الضوء.
والتي تنص على أنه يمكن تحويل
الكتلة إلى طاقة، والعكس بالعكس.
ولكن الذرات صغيرة جدًا، فكل ذرة هيليوم
مصنوعة في نواة الشمس تولد القليل من الطاقة،
لكن يتم صنع الكثير من ذرات الهيليوم،
الكثير منها. اسمعوا هذا:
كل ثانية في اليوم، تحول الشمس 700 مليون طن
من الهيدروجين إلى 695 مليون طن من الهيليوم.
والخمسة ملايين طن المتبقية،
والتي تعادل وزن 15 مبنى مثل إمباير ستيت،
يتم تحويلها إلى طاقة،
وتلك كمية كبيرة من الطاقة.
في الواقع، تكفي لتزويد نجم بالطاقة.
إنها تعادل تفجير 400 مليار
مليون طن من القنابل النووية في كل ثانية.
هذا يعادل ملايين الأضعاف
للترسانة النووية على كوكبنا. في كل ثانية.
ولذلك فإنه حتى من مسافة 150 مليون كيلومترًا،
تكون الشمس ساطعة جدًا
لدرجة أنه لا يمكنكم أن تنظروا إليها. حتى
من تلك المسافة، تشعرون بحرارتها على بشرتكم
عندما تقفون في الخارج.
يحدث اندماج الهيدروجين في نواة الشمس.
الطاقة المنطلقة تسخن الغاز الموجود فوق النواة
لكن ليس لدرجة كافية لتدمج الهيدروجين وتشكل
الهيليوم. بعيدًا عن نواة الشمس
يصبح الغاز أقل كثافة، وعند نقطة معينة تجعل
الحرارة المتدفقة من الأسفل الغاز طافيًا،
فيرتفع كما يرتفع منطاد على الأرض.
تسمى هذه العملية الحمل،
وهي وسيلة فعالة لنقل الحرارة.
تمتد أعمدة ضخمة من الغازات الساخنة المرتفعة
إلى ارتفاع آلاف الكيلومترات
ناقلة الحرارة الداخلية للشمس إلى السطح.
ثم يبرد الغاز ويعود إلى الداخل.
نستطيع رؤية قمم هذه الأعمدة
ملتصقة معًا على طول سطح الشمس.
فوق طبقة الحمل، هناك طبقة أكثر رقة وبرودة
قريبة جدًا من سطح الشمس،
وتدعى الغلاف الضوئي،
هذا هو المكان الذي تصبح فيه كثافة المادة
الموجودة داخل الشمس رقيقة بما يكفي
لتصبح شفافة. يمكن للضوء أن يخترقها بسهولة.
في هذه المرحلة، تصبح الطاقة
من داخل الشمس حرة لتسافر في الفضاء.
إنه الضوء الذي نراه عندما ننظر إلى الشمس.
الشمس هي غاز ولا تمتلك سطحًا صلبًا،
ولكن الغاز في الغلاف الضوئي
يرق بسرعة كبيرة مقارنة بحجم الشمس الكبير،
ويمكنكم اعتباره سطح الشمس.
وهناك طبقة واحدة أخيرة فوق ذلك.
الهالة الرقيقة وهي أشبه بغلاف الشمس.
إنها أقل كثافة من الغلاف الضوئي بنسبة
واحد بالمئة، ولكنها أكثر سخونة في الحقيقة.
قد تصل درجات الحرارة هناك إلى أكثر من مليون
درجة! لكنها منتشرة بطريقة رقيقة جدًا
لدرجة أنها خافتة جدًا،
ولا يُمكن رؤيتها إلا خلال كسوف كلي،
أو باستخدام تلسكوبات خاصة
تحجب الضوء الكثيف للشمس.
تمتد الهالة على ملايين الكيلومترات.
وبمعنى آخر، هي لا تنتهي في الحقيقة.
تندمج الهالة لتصبح ما يُسمى بالرياح الشمسية،
وهي تيار من الجسيمات دون الذرية المتحركة
بعيدًا عن الشمس. إنها تهب بكل الاتجاهات،
رغم أن معظمها يهب على طول خط الاستواء الشمسي.
تبلغ سرعة الرياح في العادة
أكثر من مليون كيلومتر في الساعة. نعم، جديًا،
ويمكن أن تصل سرعتها إلى أكثر من ذلك بكثير.
عندما يندمج الهيدروجين ليكون الهيليوم
في نواة الشمس، تُطلق الطاقة على شكل ضوء.
يصطدم هذا الضوء فورًا
بالجسيمات تحت الذرية التي تمتصه
وتحول قليلاً من الطاقة إلى حركة،
وتعيد بعث الضوء بطاقة أقل.
يخرج الضوء من الشمس بهذه الطريقة
وهو يخسر الطاقة في كل مرة يصادف جسيمًا،
حتى يصل إلى السطح في النهاية،
ويصبح حرًا ليسافر في الكون
كفوتون من الضوء المرئي ذو طاقة أقل بكثير.
ما هي المدة التي تستغرقها هذه العملية؟
رأيت أرقامًا مختلفة كإجابة لذلك،
بعضها يبلغ مليون سنة.
لكن الكثير من تلك الحسابات
لا تجسد الظروف داخل الشمس بدقة.
مثلاً، لا تحتسب الغاز المحمول
لمئات الآلاف من الكيلومترات.
تبين حسابات أكثر حداثة أن الطاقة تستغرق
ما بين 100 و200 ألف عام للخروج.
لا يزال هذا وقت طويل جدًا.
الضوء الذي ترونه من الشمس الآن
بدأ في نواة الشمس في الوقت الذي ظهر فيه
الإنسان العاقل في أفريقيا لأول مرة!
سطح الشمس عبارة عن فوضى،
وحل ذلك هو المغناطيسية.
كنت أقول إن الشمس مكونة من الغاز،
لكن هذا ليس دقيقًا تمامًا.
إن باطن الشمس حار جدًا لدرجة أنه
يجرد الإلكترونات من ذراتها الأم في الغاز،
ويكون ما يدعى البلازما،
وهو أشبه بحساء غازي من الجسيمات المشحونة.
سنعرف المزيد حول ذلك في حلقة لاحقة. لكن
المهم الآن هو أن الشحنة الكهربائية المتحركة
تولد مجالاً مغناطيسيًا.
يحتوي باطن الشمس
على جسيمات مشحونة متحركة بالكامل.
والحمل إلى جانب دوران الشمس،
يحرك تيارات البلازما داخل الشمس،
كل منها تولد وتحمل الحقل المغناطيسي
الخاص بها. عندما تصل البلازما سطح الشمس،
تصل معها الحقول المغناطيسية أيضًا.
ربما رأيتم تلك الأقواس المغناطيسية
حول قضيب مغناطيسي عندما يؤثر ببرادة الحديد
على قطعة من الورق.
هذا مشابه للحقول المغناطيسية الشمسية،
إلا أنه قد يكون هناك عدد خيالي منها
على سطح الشمس، حيث يمكنها التفاعل
والتشابك مع بعضها البعض.
عندما تصل البلازما إلى السطح، تبرد.
ولكن إن تشابكت الحلقات المغناطيسية،
تمنع البلازما من الغرق إلى باطن الشمس،
مثل عقدة في رباط الحذاء
لتمنعه من الدخول في فتحات الحذاء. البلازما
مضيئة لأنها حارة، لكن عندما تبرد تخفت.
تجلس معتمة على السطح
لتشكل بقعة داكنة على سطح الشمس،
ونسميها بقعة شمسية.
يمكن أن تكون البقع الشمسية ضخمة.
إنها تفوق حجم الأرض كلها، وبعضها كبيرة جدًا
بحيث يمكن رؤيتها دون استخدام التلسكوب،
طالما أنكم ترتدون ما يحمي أعينكم بالطبع.
حول حواف البقع الشمسية، تتركز خطوط الحقول
المغناطيسية. هذا يؤدي إلى تنشيط البلازما
ما يجعلها تسخن أكثر. وهذا يخلق حافة مشرقة
حول البقع الشمسية تسمى الصياخد،
وهي كلمة لاتينية تعني شعلة صغيرة. الأجزاء
المظلمة من البقع الشمسية تخفت الضوء من الشمس،
لكن يمكن أن تكون الصياخد قوية لدرجة
أنها تعوض عن ذلك، وتضيف المزيد من الضوء حتى.
من المفارقة، إن البقع الشمسية
تزيد الطاقة المنتجة من الشمس.
يمكن أن تتدفق البلازما على سطح الشمس
في هذه الحلقات المغناطيسية أيضًا.
ويمكن لهذا أن يخلق أقواسًا مادية ضخمة
تسمى الوهج، تمتد لمئات الآلاف من الكيلومترات
على طول الشمس، وتبدو مثل أقواس نارية.
نعتقد أن خطوط المجال المغناطيسي
تغذي الطاقة من سطح الشمس إلى الهالة،
ولذلك هي أكثر سخونة.
كيفية حدوث هذا ليست واضحة تمامًا،
ولكن يتتبع العلماء عدة أدلة في الوقت الحالي.
قد يُحل هذا اللغز القديم قريبًا.
تحتوي الحقول المغناطيسية الموجودة على الشمس
على كمية كبيرة من الطاقة المخزنة فيها.
يمكنكم أن تعتبروها كزنبركات محكمة ومتراصة.
لكن تذكروا أن خطوط المجال المغناطيسي تتشابك.
وإن كانت الظروف مواتية، يمكنها أن تنفجر
مسببة دارة قصر عملاقة. عندما يحدث هذا،
كل تلك الطاقة الهائلة المخزنة في الخطوط
تنفجر إلى الخارج دفعة واحدة
في حدث نسميه التوهج الشمسي.
حتى توهج شمسي معتدل يكون قويًا بشكل كبير.
أما توهج كبير فيمكنه أن يطلق عشرة بالمئة
من كامل إنتاج طاقة الشمس.
هذا الانفجار يولد ضوءًا عالي الطاقة
ويطلق موادًا من سطح الشمس بسرعة عالية،
ويرسلها إلى الفضاء بين الكواكب.
ونوع آخر من الانفجار الشمسي
هو ما يُسمى بكتلة الهالة المنبعثة، أو CME
إنه يشبه التوهج، لكن إن كان التوهج كزوبعة، أي
قوي وممركز، فكتلة الهالة المنبعثة تشبه إعصارًا
أي ضخمة وقوية. ومثل التوهجات، فهي تتشكل
عندما تنفجر خطوط المجال المغناطيسي المتشابكة
وتولد طاقة،
ولكنها تحدث أعلى من سطح الشمس.
يطلق التوهج وكتل الهالة المنبعثة
المواد إلى الفضاء، مليارات الأطنان من المواد.
هذا الحطام يمكن أن يصطدم بالأرض،
وعندما يحدث ذلك سيكون له آثار عميقة.
لكن الغلاف الجوي يمتص الضوء ذا الطاقة
العالية، ويحمينا. كما أن الجسيمات دون الذرية
تنعكس بفضل الحقل المغناطيسي للأرض،
لذلك نحن بخير.
لكن إن كانت الظروف مواتية، قد يتفاعل
المجال المغناطيسي للأرض مع الجزيئات.
يتم تمرير أعداد هائلة إلى الغلاف الجوي للأرض
بالقرب من القطبين، ما يجعل الهواء يتوهج.
وهذا ما نسميه الشفق القطبي،
أو الأضواء الشمالية والقطبية.
بحسب شكل المجال المغناطيسي، يمكن للشفق القطبي
تشكيل شرائط وألواح رائعة متعددة الألوان.
لكن ليست كل الآثار حميدة،
عندما تتفاعل الحقول المغناطيسي
قد تولد تيارات قوية جدًا من الكهرباء في قشرة
الأرض. وهذا يمكن أن يجهد شبكات الكهرباء،
مسببًا انقطاعات للكهرباء. في عام 1989 عانت
كيبك انقطاع كهرباء هائل بسبب عاصفة شمسية.
أول عاصفة تم الكشف عنها كانت في عام 1859،
وكانت أقوى عاصفة حتى الآن.
إن وقع حدث كهذا اليوم،
يمكن أن يسبب انقطاع الكهرباء في العالم
ويُحتمل أن تكون آثاره مضرة جدًا. قد تتعطل
الأجهزة الإلكترونية للأقمار الصناعية أيضًا.
ونحن نعتمد على الأقمار الصناعية في حضارتنا
الحديثة. في عام 2012، عاصفة ضخمة،
يرجح أنها تساوي عاصفة 1859،
خرجت من الشمس باتجاه آخر، ولم تصب الأرض.
لو ضربتنا، ربما لن تتمكنوا من مشاهدة هذا
الفيديو الآن، وكنا لا نزال نتعافى من آثارها.
وهذا هو سبب أهمية دراسة الشمس،
فنحن نعتمد عليها للحصول على الضوء والحرارة
وأسس الحياة نفسها.
لكنها قادرة على تدمير مجتمعنا.
لذا إن فهمها مهم لأجل مستقبلنا.
الشمس هي جسم بوزن أوكتيليوني طن موجود حولنا،
وعلينا احترام ذلك.
تعلمتم اليوم أن الشمس نجم
تعمل بطاقة الاندماج النووي في نواتها.
تتحرك البلازما الساخنة داخل الشمس مكونة حقولاً
مغناطيسية، والتي بدورها تشكل البقع الشمسية
والتوهجات الشمسية وكتل الهالة المنبعثة.
يمكن أن تولد هذه الأحداث شفقًا قطبيًا على الأرض
وتتسبب بانقطاع الكهرباء
وتخرب الأقمار الصناعية.
هذه الحلقة برعاية Squarespace.
أحدث نسخة من منصتهم Squarespace 7
تتمتع بواجهة مستخدم ذات تصميم جديد
وتكامل مع Getty images و Google Apps
وقوالب جديدة، وخاصية جديدة اسمها Cover Pages
جربوا Squarespace بزيارة Squarespace.com
وأدخلوا الرمز Crash Course
عند الشراء لتحصلوا على عرض خاص.
Squarespace: ابدأ هنا، وانطلق إلى أي مكان.
تم إنتاج Crash Course Astronomy
بالتعاون مع استوديوهات PBS Digital.
زوروا قناتهم لتجدوا الكثير من الفيديوهات
الرائعة. هذه الحلقة من كتابتي أنا، فيل بليت،
وحرر النص بليك دي باستينو
ومستشارتنا هي الدكتورة ميشيل ثالر.
شارك في الإخراج نيكولاس جنكينز ومايكل أراندا،
والمونتاج من إعداد نيكول سويني،
وفريق الرسومات هو Thought Café.