أطوار القمر ، دورة مكثفة في علم الفلك


Moon Phases: Crash Course Astronomy #4

باستثناء الشمس، القمر هو أبرز جسم في السماء،

فبسطوعه ولونه الفضي،

والخصائص المحيرة على سطحه

كان هدفًا للخيال والشعر والعلم

بل وحتى الصواريخ بين الحين والآخر.

إذا ألقينا عليه نظرة ولو خاطفة،

سنلاحظ أنه يتغير يوميًا،

فأحيانًا يظهر نهارًا وأحيانًا ليلًا،

وشكله يتغير دائمًا.

فما سبب هذا السلوك؟

القمر كرة صخرية عملاقة

قطرها 3500 كيلومتر معلقة في الفضاء،

سطحه معتم جدًا،

ويماثل انعكاسية لوح الطبشور أو الإسفلت،

لكنه يبدو لنا مضيئًا

لأنه في مجال ضوء الشمس

فالشمس تنيره

ويعكس هذا الضوء لنا هنا على الأرض.

ولأنه كروي ويدور حول الأرض،

فالطريقة التي نراه فيها مضاءً بالشمس

تتغير مع الوقت وهذا ما يسبب أطواره،

إنها الهندسة الرياضية

الأمر المهم الذي يجب تذكره

هو بما أن القمر كروي وفي الفضاء

فإن نصفه مضاء دائمًا بفعل الشمس،

وهذا ينطبق على الأرض أيضًا

وعلى كل جسم كروي في الفضاء،

نصف يواجه الشمس ونصف يواجه الجهة الأخرى،

نسمي المواجه للشمس “نهار” أو “الجانب المضيء”

والجانب الآخر “الليل” أو “الجانب المظلم”.

أطوار القمر تشير للشكل الذي نرى القمر فيه،

وكم نرى منه مضاءً من الأرض.

الدليل لكل هذا هو هذا الخط

الذي يفصل جانب النهار المضاء

عن جانب الليل غير المضاء

ونسمي هذا الخط “الفاصل الشمسي”.

اذا كنت تواجه القمر وكانت الشمس خلفك

سترى نصف القمر المضاء بالكامل بضوء الشمس

ويبدو بدرًا.

وإذا رأيته من الجانب، سترى نصف الجانب المضاء

ونصف الجانب المظلم ونقول إن القمر نصف كامل.

وإذا كانت الشمس في الجهة الأخرى من القمر

سترى النصف غير المضاء وسيبدو مظلمًا.

تذكروا أننا لم نغير شيئًا

سوى الجهة التي ننظر منها،

إذًا في جميع الأوقات، يكون القمر

نصف مضاء ونصف مظلم، تذكروا ذلك.

طور القمر الذي نراه يعتمد على الجهة

التي يقع منها ضوء الشمس عليه

والزاوية التي نرى بها ذلك من الأرض.

القمر يدور حول الأرض مرة في الشهر تقريبًا

ومن هنا أتت كلمة “شهر”،

فـ”شهر” و”قمر” متجانستان في اللعة الإنجليزية،

أي كلمتان مشتقتان من أصل واحد.

وفي معظم اللغات بما فيها الإنجليزية

هاتان الكلمتان متشابهتان جدًا.

المدة التي نسميها شهرًا

مشتقة من المدة التي يستغرقها القمر

للمرور في كل أطواره وهي 29 يومًا ونصف.

إذًا، لوصف الأطوار فلنبدأ من البداية: المحاق،

يحدث المحاق عند اصطفاف

الشمس والقمر والأرض على خط واحد،

يكون مدار القمر مائلًا قليلًا نحو مدار الأرض

لذا يحدث المحاق أحيانًا

عندما يكون القمر تحت الشمس أو فوقها،

لكن في مرحلة ما، في مدارها

في وقت ما خلال الشهر

يبدو قريبًا جدًا من الشمس.

كيف يبدو ذلك من الأرض؟

يقع القمر بين الأرض والشمس

لذلك، من مكاننا، نرى فقط النصف المظلم،

أي النصف غير المضاء من القمر.

أما الجانب الآخر الأبعد للقمر فهو مضاء

لكننا لا نستطيع رؤيته،

من المنطقي إذًا اعتبار هذه بداية أطوار القمر

ويُسمى المحاق.

تأملوا بهذا، لأن القمر قريب من الشمس

فهو يتحرك عبر السماء مع الشمس ويطلع نهارًا،

ويمكن رؤية ذلك من الجزء المضاء من الأرض

أي خلال النهار.

وهناك سوء فهم شائع

أن القمر يطلع في الليل فقط

لكنه يظهر نهارًا بقدر ظهوره ليلًا.

أثناء المحاق، يبقى القمر قرب الشمس

لذا يطلع مع شروق الشمس ويغيب مع مغيبها.

مما يجعل من الصعب رؤيته،

لأنه بالقرب من أسطع جسم في السماء.

وجزء صغير منه فقط مضاء من منظورنا،

لكن ليس لفترة طويلة.

فلأن القمر يدور حول الأرض،

يكون بعد بضعة أيام

قد تحرك قليلًا نحو الشرق،

والآن نراه من زاوية طفيفة ويمكننا رؤية القليل

من جانب القمر المضيء المواجه للشمس.

الفاصل الشمسي، خط الليل والنهار،

يبدو منحنيا حول القمر

لذا، ما نراه هو هلال رفيع مضاء،

في هذا الوقت لا يزال الهلال رفيعًا

وطرفاه في اتجاه معاكس للشمس

لاحظوا أن القمر لا يزال قرب الشمس

نحو الشرق قليلًا

ويطلع بعد ساعة أو ساعتين من شروق الشمس،

وهذا يعني أنه يبقى طالعًا طوال اليوم

ويغرب بعد الشمس،

وهذا افضل وقت لرؤية الهلال،

عندما تغيب الشمس ويبدأ الظلام،

سيكون القمر منخفضًا عند الأفق الغربي

وسيغرب بعد الشمس بقليل.

فلننتظر بضعة أيام،

الآن تحرك القمر أكثر في مداره حول الأرض

وهو أبعد عن الشمس في السماء.

نرى جزءًا أكبر من الجانب المضيء،

ويكون الهلال أعرض.

ولأنه يزداد سمكًا نسميه “الهلال المتزايد”

وهذا يعني أنه ينمو أو يكبر،

كما أنه بعيد عن الشمس لذلك تسهل رؤيته

حتى في النهار قبل غروب الشمس.

بعد حوالي سبعة أيام من المحاق

نصل لأول حدث رئيسي،

قطع القمر الآن ربع مداره،

يبعد 90 درجة عن الشمس،

مما يعني أننا ننظر مباشرة إلى الفاصل الشمسي

خط النهار والليل في القمر، حيث يمر تمامًا

في منتصف جانب القمر المرئي،

وهكذا يكون نصف مضاء

وجانب القمر المواجه للشمس مرئي

والجانب الآخر مظلم.

يُسمى هذا الطور “التربيع الأول”

لأن القمر يكون قد بلغ ربع دورته

وربع مسافة مداره حول الأرض.

رغم أنه يبدو نصف بدر، لذا، فهو ليس نصف بدر

ويفضل الفلكيون تسميته بالتربيع الاول.

فإذا أردت أن تبدو كعالم فلك، سمه كذلك.

لكن الوقت يمضي

ويستمر القمر في رقصته التجاذبية مع الأرض

ويدور حول مدها،

الأن وقد أصبح أكثر من نصف بدر نسميه أحدب

أي متورم أو محدب، وبما أنه يزداد اتساعًا

يسمى هذا الطور “الأحدب المتزايد”،

يظهر في المساء المتأخر، ويبقى معظم الليل.

الخطوة التالية تأتي بعد أسبوعين من المحاق،

بعد قطعه نصف المسافة في المدار.

إنه الآن مقابل للشمس في السماء

ويتحرك حولها 180 درجة، الأرض بين القمر والشمس

اذًا نحن ننظر إلى نصف القمر المضاء بالكامل،

هذا هو البدر.

ولأنه مقابل الشمس،

يظهر مع غروب الشمس ويختفي مع شروقها.

ويبقى طوال الليل مرسلًا ضياءه على الأرض.

لكن بعد أيام، يتغير الوضع مجددًا،

حين يكون القمر بدرًا، يبعد ١٨٠ درجة عن الشمس

ومع استمرار حركته الدائرية حول الأرض،

تبدأ المسافة بينه وبين الشمس بالتناقص

حتى مع استمرار حركته في الاتجاه نفسه.

كما من قبل، يستمر بالطلوع والمغيب بعدها،

لكن الآن يطلع بعد غروب الشمس

ويغيب بعد شروقها.

إذا استيقظت مبكرًا بينما الشمس تشرق في الشرق

سترى قمرًا شبه بدر يغيب غربًا.

ليس هذا فقط،

بل سنعيد كل الأطوار، لكن بترتيب عكسي.

بعد أيام من البدر،

يتقلص الجانب المضاء. إنه في طور الأحدب.

المتناقص.

ثم بعد ثلاث أسابيع من المحاق

وأسبوع من البدر،

يصبح القمر نصف مضاء مجددًا،

والفاصل الشمسي يقسم سطحه نصفين متساويين.

هذا هو التربيع الثالث،

لأن القمر قطع 3/4 دورته.

لكن الجانب الذي كان مضاءً مظلم الآن

والعكس صحيح.

وهو يبعد 270 درجة عن الشمس

ويطلع في منتصف الليل ويغيب ظهرًا.

بعد بضعة أيام، يصبح القمر هلالًا مرة أخرى

واسمه الآن الهلال المتناقص،

يظهر قبل ساعتين من الشروق ويغيب قبل ساعتين

من الغروب.

ثم أخيرًا، نعود من حيث بدأنا.

بعد شهر من المحاق،

يكون القمر قد قطع 360 درجة في السماء

وعاد من جديد قرب الشمس،

إنه المحاق وتبدأ الدورة من جديد

كما يحدث منذ الأزل.

يحدث أمر مثير للاهتمام

إذا غيرنا منظورنا من الأرض إلى القمر،

أطوار القمر التي نراها من الأرض

تعتمد على زاوية القمر والشمس في السماء،

لكن على القمر

الزوايا معكوسة بمقدار 180 درجة.

في المحاق، عندما يكون القمر بين الأرض والشمس،

تكون الأرض مقابلة للشمس كما يُرى من القمر.

إنها أرض كاملة.

كل الأطوار الأخرى معكوسة أيضًا،

فعندما نرى البدر، سيرى المقيم على القمر

الأرض كأنها محاق وهكذا دواليك.

هل نظرت يومًا إلى الهلال النحيف

ورأيت طيف بقية الجانب المظلم؟

هذا لأنه ليس مظلمًا حقًا،

الأرض الكاملة تعكس ضوء الشمس على القمر

وتضيء النصف الذي لولا ذلك لكان مظلمًا.

الأرض أكبر حجمًا وتعكس الضوء أكثر من القمر،

لذا فهي يفوق سطوعها البدر 50 مرة.

يسمى هذا سطوع الأرض، مصطلح يعجبني كثيرًا،

والأكثر شاعرية من ذلك أنه كان يُسمى

“القمر القديم بين ذراعي القمر الجديد”،

إشارة إلى المظلم محاطًا برأسي الهلال المتناقص.

هذا رائع ، أليس كذلك؟

القمر من أجمل الأجسام السماوية التي نراقبها

يتغير يوميًا، مع أنه يبقى على حاله

لأننا نرى تقريبًا

النصف نفسه، نفس الوجه دائمًا.

إنه كبير و مضيء، ومميزات سطحه

يمكن رؤيتها بالعين وبشكل أفضل

من خلال المنظار أو التلسكوب.

بتغير الأطوار حتميًا، يومًا بعد يوم،

فإن زاوية ضوء الشمس التي تضرب السطح

تتغير، جالبة أشياء جديدة لنراها،

تصبح الحركات مريحة، ومألوفة

إنه تذكير أن الكون قد يبدو

غريبًا و معقدًا وغامضًا في البداية

لكن مع الوقت، مع خروجك واستكشافه

يصبح حيك.

مرحبًا بك في بيتك.

اليوم تعلمنا لم للقمر أطوار:

إنه كرة تدور حول الأرض،

لذا تتغير الزاوية التي نرى منها جانبه المضاء.

تتغير من محاق إلى هلال متزايد

إلى تربيع أول، أحدب متزايد، بدر،

أحدب متناقص، تربيع ثاني، هلال متناقص

ثم تعود الدورة من جديد.

هذا يؤثر أيضًا على وقت طلوعه ومغيبه

وعلى ما نراه على سطحه.

Crash Course مُنتج

بالتعاون مع استديوهات PBS Digital.

هذه الحلقة من تأليفي أنا فيل بليت وحرر النص

بليك دي باستينو، ومستشارتنا هي د. ميشيل ثالر.

شارك في الإخراج نيكولاس جنكينز ومايكل أراندا،

وفريق الرسومات هو Thought Café.

اترك تعليقاً