نحن البشر على كوكب الأرض
نستفيد من توافق عظيم،
إنه التوافق بين الزمان والمكان والرياضيات.
التوافق كالآتي:
الشمس أعرض من القمر 400 مرة،
وهي أيضًا أبعد عنا من القمر
بحوالي 400 مرة.
يعتمد الحجم الظاهر لجسم في السماء
على كبر حجمه ومدى بعده،
وتساوي هذين الرقمين
يعني أن الشمس والقمر
يبدوان تقريبًا بالحجم ذاته في السماء،
وهنا يظهر عامل آخر مثير للاهتمام،
أحيانًا، يمر القمر مباشرة
بين الأرض والشمس. وهذا لا يحدث كثيرًا
لكن عندما يحدث، نرى سحرًا،
أو حتى أفضل، نرى علمًا،
نرى كسوفًا.
الكسوف هو مصطلح عام في علم الفلك
يصف مرور جسم في ظل جسم آخر
ويؤدي لتعتيمه أو حجبه.
الكسوف الشمسي يحدث عندما يحجب القمر الشمس
ملقيًا بظله على الأرض،
وخسوف القمر هو عندما تحجب الأرض الشمس
ملقية بظل على القمر.
لكن كيف يحدث ذلك؟
يدور القمر حول الأرض مرة شهريًا
وتدور الأرض حول الشمس مرة سنويًا.
إذا كان مدار القمر متوافقًا تمامًا
مع مدار الأرض ويتشاركان المستوى ذاته
سيحدث كسوف شمسي عند كل محاق
وخسوف قمري عند كل بدر،
لكن ذلك لا يحدث لأن مدار القمر مائل
بالنسبة لمدار الأرض
حوالى 5 درجات.
وهذا يعني أنه في المحاق
قد يكون القمر بعيدًا 5 درجات عن الشمس
ويمر من فوق أو أسفل الشمس
وعليه لا يعترض طريقها من منظورنا.
لكن أحيانًا يكون القمر
في المكان والزمان المناسبين.
وعند المحاق، يقع تمامًا بين الشمس
والأرض، وعند ذلك يحدث كسوف شمسي,
تحدث هذه الهندسة الرياضية مرتين سنويًا
وأحيانًا خمس مرات سنويًا.
ما يحدث في الفضاء
هو أن القمر يلقي ظلًا طويلًا،
عادةً يخطئ ذلك الظل الأرض، لكن خلال كسوف
يقع ظل القمر على سطح الأرض.
في الحقيقة، هناك ظلال من القمر،
واحد داخل الآخر. أحدهما مخروط ضيق
ويتناقص إلى نقطة بعيدًا عن القمر.
وإذا كنت داخل هذا المخروط
يظهر القمر كبيرُا بما يكفي لحجب الشمس،
وهذا يعني أن الظل معتم جدًا
ونسميه “أمبرا”
وهو المعنى اللاتيني لـ” ظل”.
خارج هذا الظل العميق
ثمة منطقة مخروطية أوسع لو أنك فيها
تكون الشمس محجوبة جزئيًا فقط،
ويمكننا رؤية جزء من الشمس وراء القمر.
يكون ضوؤها أقل ويظهر خيالك
لكنه لا يكون داكنًا كما في الظل.
وتسمى هذه المنطقة “الظل المشعشع”،
في هذه الحالة تعني باللاتينية “تقريبا”.
عند لمس الظل للأرض يحدث كسوف كلي
للشمس، لكن كيف يبدو هذا من الأرض؟
لا يحدث الكسوف الشمسي الكلي فورًا،
فأولًا، تنزلق حافة القمر أمام الشمس
ونرى انحدارُا طفيفًا في طرف الشمس
أو حافتها كما نراها من الأرض،
وهي بداية غمر الظل المشعشع لك.
ومع تحرك القمر ببطء، يزيد هذا الانحدار
فتصبح الشمس هلالًا سميكًا،
ثم هلالًا نحيلًا.
وعندما تصبح الشمس هلالًا رفيعًا جدًا
تبدأ السماء بالتعتيم
وأخيرًا يغطي القمر الشمس تمامًا
وتجتاح منطقة الظل موقعك.
وفي تلك اللحظة، يبدأ الكسوف الكلي.
قد نظن أن هذا يعني أن السماء تعتم
ويبدو الوقت ليلًا لبعض الوقت،
لكن الكسوف الكلي أكثر من هذا بكثير،
وهذا بسبب هالة الشمس.
كما سأوضح بالتفصيل في حلقة قادمة،
الهالة هي الغلاف الجوي للشمس،
وهو غلاف رقيق من الغاز يمتد من سطح
الشمس الى الفضاء ملايين الكيلومترات.
وهو ضعيف جدًا، وبالتالي عادة
ما يطغى عليه تمامًا الضوء الحاد
من الشمس.
لكن عندما يحجب القمر سطح القمر
تصبح هالتها مرئية.
وهي تحيط بالشمس، خيوط ومحالق تمتد
في السماء وترسم مشهدًا خلابًا.
أعرف كثيرين قالوا
إنه أروع ما شاهدوا في حياتهم.
وهناك المزيد، حافة القمر ليست سلسة
فهي تحتوي على فوهات ومنخفضات أخرى.
الفوهات على حافة القمر تسمح لضوء الشمس
بالمرور، ونحن نراها كرقع منيرة
حول الشمس المكسوفة
وتُسمى “خرزات بيلي”
لأن أول من وصفها كان
الفلكي الإنكليزي فرانسيس بيلي عام 1836.
ولأن القمر والشمس بالحجم ذاته تقريبًا
تكون مدة الكسوف الكلي قصيرة.
أطول مدة قد تستغرقها هي سبع
أو ثماني دقائق. وهي المدة اللازمة
لانتقال منطقة الظل فوق بقعة على الأرض
وعند انتهاء الكسوف الكلي
يبدأ القمر بالابتعاد عن وجه الشمس،
ولوهلة، تُكشف بقعة واحدة من الشمس
تتوهج بقوة على جانب واحد من القمر،
وقد تظهر أحيانًا دائرة من الضوء
حول سطح القمر
وتبدو مع البقعة المضيئة كخاتم زواج سماوي.
وتُسمى هذه “ظاهرة الخاتم الماسي”.
ثم وبقسوة، يبتعد القمر عن الشمس
وينعكس ترتيب الأحداث.
يختفي الظل، لكنك نبقى في الظل المشعشع
وتُظهر الشمس هلالًا رفيعًا،
ثم هلالًا سميكًا ثم انحدارًا في جانبها
ثم تنتهي الظاهرة.
منطقة الظل في القمر صغيرة جدًا
حيث تصيب الأرض، لذلك فالكسوف الكلي
حدث مكاني. إذا كنت بعيدًا شمالًا أو جنوبًا
لا يحدث كسوف كلي،
بل كسوف جزئي، وهو جميل
كنه يفتقر لسحر الكسوف الكلي.
تذكروا أيضًا أن مدار القمر حول الأرض
هو إهليلج. وهذا يعني أنه أحيانًا
يكون أقرب إلى الأرض وأحيانًا أبعد.
وإذا حدث كسوف شمسي حين يكون
القمر في الجهة البعيدة من مداره،
يكون أصغر من الشمس في السماء
ولا يحجب وجه الشمس بأكمله،
ويترك حلقة من الضوء
حول الدائرة السوداء للقمر.
الاسم الفني لهذا الشكل هو “الحلقة”
لذا، تُسمى هذه الظاهرة “الكسوف الحلقي”.
يعتقد كثيرون أننا إذا نظرنا إلى كسوف كلي
قد نُصاب بعمى تام دائم،
وهذا غير صحيح، لكن بعض أجزاء مراقبة
الكسوف أخطر من غيرها.
بالطبع ليست فكرة جيدة
أن تقف وتُحدّق في الشمس،
النظر حتى إلى الشمس غير المكسوفة
لأكثر من لحظة مؤلم، وهذا الألم ينتج
عن الضرر الذي يسببه الإشعاع الشمسي
لشبكية العين، لذا، لا أنصح به.
هذا بديهي.
لكن القلق الحقيقي عند مشاهدة الكسوف
يكمن عند انتهاء الكسوف الكلي،
فخلاله يكون الظلام مخيمًا وتتسع حدقة العين
لتسمح بدخول المزيد من الضوء.
لكن هناك ومضة من أشعة الشمس عندما يبتعد
القمر، وتكون قوية لدرجة تضر بشبكية العينين.
لهذا ينصح علماء الفلك بتوخي الحذر
الشديد عند مشاهدة الكسوف،
لأن الومضة قد تظهر وتفاجئ الناظر.
عند النظر للشمس، لا تحدق بها،
يجب أن تضع حماية للعينين،
وتأكد من ارتداء مُرشحات واقية
ولا تُجرب الأشياء المصنوعة في المنزل
التي نسمع عنها كالنظر من قرص رقمي
أو استخدام فيلم كاميرا قديمة الطراز
كأدة ترشيح.
فقد تمرر مقدار كثير من الأشعة تحت الحمراء
والضوء فوق البنفسجي وقد تُوسع الحدقتين
وتزيد الأمور سوءًا.
تصنع الكثير من الشركات مرشحات غير مكلفة
رائعة لمشاهدة الشمس،
ولدينا روابط في صندوق المعلومات
حول سلامة العين.
لا داعي للخوف من إيذاء أعينكم
خلال مشاهدة الكسوف القمري.
ففي هذه الحالة، الأرض هي التي تحجب الشمس
وظل الأرض يسقط على القمر
لذا، انظروا كما تريدون.
لكن الفارق الكبير بين هذين النوعين من الكسوف
يكمن في من يستطيع رؤيتهما.
الكسوف الشمسي يتركز في بقعة واحدة
من الأرض، أو رقعة على الأرضية
عندما يغطي ظل القمر سطح الأرض.
لكن الخسوف القمري يحدث عندما يتحرك القمر
إلى ظل الأرض، لذا، فكل شخص على الأرض
يواجه القمر يمكنه رؤية الخسوف القمري.
ولهذا شاهدت الكثير من الخسوف القمري
لكن لم أشاهد كسوفًا شمسيًا كليًا واحدًا
لأني لم أكن قط في المكان والزمان المناسبين.
لكني لا أتحسّر.
للأرض ظل مظلمة وظل مشعّ أيضًا،
عندما يدخل القمر أولًا الظل المشعشع للأرض
يكون التعتيم طفيفًا وبالكاد ملاحَظ،
لكن حين يتعمق القمر أكثر في الظل المشعشع
يبدأ بالتعتيم. وأحيانًا يتغير لونه
ويتحوّل إلى برتقالي غامق
أو أحمر قانٍ.
وذلك لأن الأرض بدأت بحجب ضوء الشمس
المتجه نحو القمر،
والضوء الوحيد المار يأتي
عبر الجزء الأسمك من غلافنا الجوي.
وهذا يحجب الضوء الأزرق والأخضر
ولا يسمح إلا بدخول الضوء الأحمر.
ولهذا يبدو القمر والشمس لنا أحمرا اللون
وهما في الأفق وأيضًا عند شروقهما وغروبهما.
عندما تنظر إلى القمر المكسوف الأحمر،
فأنت تُشاهد الضوء المنبعث
من كل شروق وغروب للشمس في العالم
وهي تقع على القمر وتنعكس علينا.
وأخيرًا، يبدأ القمر بدخول ظل الأرض
ويبدأ الكسوف الحقيقي.
في البداية، يظهر كأنه قُضم،
وذلك القوس المنحني هو حافة الأرض،
يتعمق القمر أكثر فأكثر في الظل
حتى يظلم كليًا.
ولأن الأرض أكبر من القمر
يكون ظل الأرض أوسع،
وبينما ينتهي الكسوف الشمسي في دقائق
قد يستغرق الخسوف القمري ساعتين تقريبًا.
شاهدت مرة خسوفًا قمريًا عميقًا لدرجة
أنني استغرقت دقيقة لأجد القمر في السماء.
لا يوجد عملية جديدة
تتعلق بخسوف القمر، لكنك إذا كنت تعرف القليل
يمكنك استخدام حجم وشكل
ظل الأرض على القمر
لتحصل على الأحجام النسبية للأرض والقمر.
هذا ما فعله الإغريق القدماء وحصلوا
على رقم ليس بعيدًا كثيرًا عن الصحيح.
كما عرفوا حجم الأرض باستخدام
وسائل أخرى، لذلك كان لديهم تقدير جيد
لحجم القمر قبل 2000 سنة تقريبًا
من اختراع التلسكوب!
كما عرفوا أيضًا أن شكل ظل
الأرض دائري دائمًا،
وهذا منطقي فقط لو كانت الأرض كروية.
ولو كانت الأرض مسطحة، فستلقي
ظلاُ رفيعًا، لكنها لا تفعل ذلك أبدًا.
الإغريق القدامى أذكياء جدًا.
ملاحظة أخيرة. بسبب المد والجزر
على الأرض، والذي سنتعرف عليه أكثر
بالتفصيل في حلقة قادمة،
يبتعد القمر ببطء عن الأرض
نحو 4 سنتيمترات في السنة،
وعند تراجعه، يصغر حجمه في السماء،
مما يعني أنه في النهاية
سيكون بعيدًا جدًا ولن يمكنه تغطية الشمس كليًا
وبالتالي لن يحدث كسوف كلي آخر.
وبحساب تقديري، سيحدث ذلك بعد حوالى مليار سنة
فالأفضل أن تشاهدوا الكسوف بينما هذا متاح.
تعلمتم اليوم أن كسوف الشمس
يحدث عندما يحجب القمر الشمس
فيقع ظله على الأرض، وخسوف القمر
هو عندما يسقط ظل الأرض على القمر.
لا تحصل هذه الظاهرة كل أسبوعين
لأن مدار القمر مائل،
وإن كنت ذكيًا، يمكنك استخدام الخسوف
القمري لتعرف حجم الأرض والقمر.
هذه الحلقة برعاية Squarespace
النسخة الأخيرة من منصتهم، Squarespace 7
لديها واجهة مستخدم بتصميم جديد وأنظمة متكاملة
مع Getty Images وGoogle Apps وقوالب جديدة
وخاصيّة جديدة اسمها Cover Pages. جربوا
Squarespace بزيارة Squarespace.com،
وأدخلوا الرمز Crash Course للحصول على عرض
خاص. Squarespace، ابدأ هنا واذهب لأي مكان.
تم إنتاج البرنامج بالتعاون
مع أستوديوهات PBD Digital.
زوروا قناتهم واكتشفوا المزيد من الفيديوهات
الرائعة. هذه الحلقة من تأليفي أنا فيل بليت.
حرر النص بليك دي باستينو، ومستشارتنا هي
د. ميشيل ثولر. شارك في إخراجها نيكولاس جنكينز
ومايكل أراندا، وحررتها نيكول سويني
وفريق الرسومات هو Thought Café.